للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأقدم الكتابات التي ذكرت حصن خيبر كتابة بلغتين تاريخها عام ٥٦٨ م تنتمى إلى حران في اللجة. وقد ذكر لنا ليتمان Littman التفسير الصحيح لهذه الكتابة في Osservazioni sulle iscrizion di Harrane di Zebed المنشور في R.S.O., سنة ١٩١١ - ١٩١٢, جـ ٤، ص ١٩٣ وما بعدها. ويستدل من هذه الكتابة أن تاريخها عام ٤٦٣ (أي من عهد بُصرى) أي بعد عام من حملة خيبر. ويقول ابن قتيبة في كتاب المعارف (طبعة فستنفلد ص ٣١٣) إن هذه الحملة كانت بقيادة الملك الحارث بن أبي شمر (الحارث بن جبلة) الذي حكم من عام ٥٢٨ إلى عام ٥٦٩ - ٥٧٠ م، وهنا تذكر الكتابة أن التاريخ الدقيق لهذا الحادث هو عام ٥٦٧ م. وكان لغزوة النبي محمد [- صلى الله عليه وسلم -] أثر بالغ في تاريخ خيبر وسكانها من اليهود. فقد خرج النبي [- صلى الله عليه وسلم -] لغزوها في مستهل العام السابع من الهجرة (٦٢٨ م) على رأس جيش عدته نحو ١٦٠٠ مقاتل. والجلى أن يهود خيبر تأهبوا لملاقاة النبي [- صلى الله عليه وسلم -]، ولكنهم كانوا متنابذين، ذلك أنهم لم يكونوا هيئة متماسكة يعيشون مجتمعين في بقعة واحدة بل كانوا متفرقين في الأودية المجاورة حيث كانت كل جماعة صغيرة تحتل بعض المنازل المحصنة وسط أحراج النخيل وحقول القمح الغنية. وكان لكل منزل من هذه المنازل اسمه الخاص. وكان الوادي مقسما ثلاثة أقسام، النطاة والشق والكتيبة. وكانت هذه المنازل من الناحية الحربية غير مواتية لليهود. وزاد مركز أهل خيبر حرجا عندما تخلى عنهم أحلافهم من غطفان غادر جندهم وعددهم أربعة آلاف مقاتل خيبر عائدين إلى منازلهم. ومن ثم خلا الميدان أمام النبي [- صلى الله عليه وسلم -] فتقدم نحوهم ليلا، وما إن أصبح الصباح حتى رأى أهل خيبر جند المسلمين أمامهم وكانوا قد عسكروا خلف الحرة على حافة الصحراء. وصرف النبي [- صلى الله عليه وسلم -] ستة أسابيع في فتح إقليم خيبر بأجمعه فقد اضطر أن يحاصر كل منزل ومعقل حتى يفتحه عنوة بعد قتال عنيف في كثير من الأحيان. وانصب الهجوم أولا على حصن النطاة الذي صمد للقتال أسبوعًا واحدًا. ثم اقتحم حصن الشق. وأضعفت انتصارات المسلمين من عزيمة المدافعين وسقط حصن النطاة كما سقط حصن الكتيبة آخر معاقلهم