بهدم أسوار بنون عن آخرها, واستخدمت الأنقاض في بناء رصيف يصل هذه الجزيرة بأرض القارة وقد حمى هذا الرصيف المرسى من الرياح الغربية، ومكن القراصنة من ترك سفنهم في مأمن، وكانوا قبل ذلك يضطرون إلى سحبها إلى الشاطئ عندما يسوء الجو، وقد أصبحت الجزائر نتيجة لذلك مرفأ تلجأ إليه سفن القراصنة وتتخذه قاعدة لغاراتها. وقد انزعج الأسبان لهذا النصر الجديد الذي أحرزه خير الدين، فأرادوا الاستيلاء على شرشال ليتخذوا منها مهبطا لهم على الشاطئ، ولكن الحملة التي وجهت إلى هذه المدينة بقيادة أندريا دوريا Andereas Doria باءت بالخيبة عام ١٥٣١.
وعندئذ توطدت أقدام بربروسه نهائيا في الجزائر، وأراد أن يزيد في قوته العسكرية فأقام إلى جانب الإنكشارية، الذين أصبحوا خطرًا عليه لعنادهم وتمردهم، فرقا من الجند موالية له، فكون له حرسا من خمسمائة من المرتدين عن دينهم من الأسبان.
وجمع ما بين سبعة آلاف وثمانية آلاف من اليونانيين والألبانيين ورجال القبائل المجندين، وأمَّر على هذه القوة الجديدة وعلى مدفعيته "رئيس" زميله القديم. وألفي خير الدين نفسه بفضل هذه التدابير قادرا على المسير نحو تونس، وكان قد دخل مع أهلها في مفاوضات سرية منذ أمد طويل. ولما استولى على هذه المدينة أراد أن يحتاط من الأسبان وأن يضمن لنفسه الإشراف على الشاطئ الشرقى لإفريقية بأكمله. وقد فوض السلطان خير الدين في اتخاذ ما يتراءى له بعد أن أطلعه على خططه كما زوده بأمدادات أخرى من الجند، ودخل بربروسه بلاد تونس بعد أن جعل على الجزائر خليفته حسن أغا، واستولى على حلق الوادي Le Goulette (١٦ أغسطس سنة ١٥٣٤) ثم تقدم منها نحو تونس. وحاول مولاى حسن الوقوف أمام بربروسه، ولكنه هزم في وقعة بالقرب من باب الجزيرة، واضطر إلى الفرار (١٨ أغسطس) ودخل الترك مدينة تونس ونهبوها. وخضعت باقي بلاد تونس دون أن تبدى مقاومة.