والتفضيل إنما يصاغان من الفعل اللازم لا من المتعدى، ولهذا يقدرون نقله من "فعل" بفتح العين وكسرها إلى بناء "فعل" بضم العين.
ونازع فى ذلك آخرون، وقالوا: يجوز بناء فعل التعجب والتفضيل من فعل الفاعل ومن الواقع على المفعول، تقول العرب: ما أشغله بالشئ، وهذا من: شُغل به، على وزن سئل - فالتعجب من المشغول بالشيء لا من الشاغل.
ويقول ابن قيم الجوزية فى كتابه "زاد المعاد": وأما أحمد، فهو اسم على زنة أفعل التفضيل مشتق أيضًا من الحمد، وقد اختلف الناس فيه: هل هو بمعنى فاعل أو مفعول:
فقالت طائفة: هو بمعنى الفاعل، أى حمده لله أكثر من حمد غيره له، فمعناه: أحمد الحامدين لربه. ورجحوا هذا القول بأن قياس أفعل التفضيل أن يصاغ من فعل الفاعل لا من الفعل الواقع على المفعول، ولهذا لا يقال: ما أضرب زيدا, ولا زيد أضرب من عمرو، باعتبار الضرب الواقع عليه؛ ولا ما أشربه للماء، وآكله للخنزير؛ لأن أفعل التفضيل وفعل التعجب إنما يصاغان من الفعل اللازم.
ومضى بعد ذلك يلخص ما قاله قبل فى "جلاء الأفهام".
وقال عياض ("الشفاء"، ٢: ٤٠٨ - ٤٠٩): فأما اسمه أحمد، فأفعل، مبالغة فى صفة الحمد، ومحمد مفعل، مبالغة من كثرة الحمد، فهو [- صلى الله عليه وسلم -] أجل من حَمد، بالبناء الفاعل - وأفضل من حُمد، بالبناء للمجهول.
هذا بعض ما قيل عن محمد وأحمد، اشتقاقًا ومعنى، وهو يؤيد ما قلناه قبل، وأنهما على معنى، إن لم يكن واحدًا، فهو أقرب إلى ذلك، لهذا لم يكن الخلاف حول التسمية بهذا أو ذاك مما يخلق قضية.
وبعد، فلقد تخلفت التسمية بعد الرسول بهذين الاسمين، وقد قدمنا أن أول من تسمى بأحمد هو والد الخليل. وإذا علمنا أن ميلاد الخليل كان حوالى سنة ١٠٠ هـ أدركنا أن هذه التسمية كانت مع أواخر القرن الأول الهجرى لم تتخلف عنه كثيرًا. وما نظن التسمية