بالقرب من تلمسان، والبك التركى حاجى خليل، ولم تنته هذه المنازعات إلا بوفاة حاجى خليل (١١٩٥ هـ = ١٧٨٠ م) أما المؤرخون فلم يذكروا نشوب خلاف ما قبل بداية القرن التاسع عشر.
وأيد ترك الإمارة الجزائرية ثوار الريف، فيسمح مولاى سليمان سلطان مراكش من ثم للمرابطين الذين انتقضوا على الترك، بالالتجاء إليه. فثارت فجأة: عام ١٨٠٣، القبائل الجزائرية تحت لواء زعيمها "زبوشى" بدعوة من الشريف الدرقاوى الحاج محمد بن الأعرج وكنيته "بودلى". وأصاب الثوار حظا من النصر فتهوروا وهاجموا حصن قسنطينة التركى المنيع، فهزموا واضطر بودلى المثخن بالجراح إلى الفرار، ولكن الثوار ما لبثوا أن باغتوا في العام التالي عثمان بك قائد حامية قسنطينة في خوانق وادي رمل الأدنى، وأعملوا فيهم السيف وبينهم البك، فاضطر الترك إلى إنفاذ مدد جديد إلى قسنطينة تحت إمرة البك عبد الله بن إسماعيل، فانتصر عبد الله في يناير عام ١٨٠٥ على بودلله وحلفائه، وصد قوات الدرقاوى بمساعدة المقرانى أمراء مجانة وحلفاء الترك في الغرب على النجاد جنوبى بلاد القبائل الكبرى، وحدث هذا حوالي فبراير عام ١٨٠٦. وكان على الترك أيضا أن يخمدوا فتنا أخرى في هذه الربوع، فقد ثارت قبيلة أولاد نايل وضيقوا الخناق على المدينة بعد أن وثبوا على "صور الغزلان"، وهو حصن تركى يعرف الآن باسم "أومال".
وأخذ بودلله يكتسح شرق إمارة الجزائر بالسيف والنار، في حين بادر رجل يدعى عبد القادر بن شريف المقدم الأكبر لمولاى العربي الدرقاوى إلى اجتياز ناحية تلمسان معلنا في كل مكان أن الترك على وشك أن يطردوا من ربوع إفريقية الشمالية، وما جاءت سنة ١٨٠٥، حتى كانت جميع الربوع من شلف إلى التخوم المراكشية، قد اشتعلت فيها نيران الثورة. وبوغت مصطفي بك أمين وهران في معسكره في عين فرطاسة فلم يجد مناصا من الفرار والاحتماء وراء أسوار وهران وسد أبوابها، كما حاصر الدرقاوى في