للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الوقت نفسه ترك تلمسان في معقلهم المعروف باسم مشوار، وكنوا على تفاهم مع بربر هذه المدينة، واستحلفوهم يمين الولاء لمولاى سليمان مراكش.

وما لبثت هذه الفتنة التي أشعلت الدرقاية نارها أن استفحلت فاستدعى "داعى" (١) (داى) الجزائر الباى مصطفى واستخلف على البلاد من بعده محمد المقلش وكان رجلا عالى الهمة. فأخذ محمد من فوره في مهاجمة الثائرين، وقطعت قبائل مختلفة الطريق على ابن شريف وطردته ناحية الشرق واستطاعت بهجمة موفقة أن تستعيد مدينة بسكرة للباى محمد، وكان بين أسراه آل غريمه. وقد ارتد غريمه هذا هو وأنصاره إلى زاوية محمد بن عودة وفيها منى بهزيمة منكرة وقطعت رءوس أتباعه.

ويروى الإخبارى المحلى أن هذه الرءوس بعثرت عند قدمى الباى بعثرة البصل الكثير، وكان ذلك عام ١٨٠٧. وأحرز الباى نصرا آخر عند سوق الأحد في أرض بنى عامر حيث سقط نيف وستمائة درقاوى، مما دفعه إلى العمل على تخليص مدينة تلمسان والضرب على أيدى العصاة وإعادة المدينة إلى سلطان الترك، وبينما كانت الجنود الجزائرية مشغولة في شرق الإمارة الجزائرية ووسطها وغربها، غزا مولاى سليمان فيجيج عام ١٨٠٥، وقورارة وإتوات عام ١٨٠٨. وانتزع من الترك جميع بقاع الجنوب الشرقى من إقليم وهران. ونفس ديوان الجزائر على الباى محمد المقلش المكانة التي بلغها بفضل انتصاراته فقبض عليه فجأة بحجة عجيبة، ثم زج به في السجن وقتل. فحل محله مصطفي باى وهران السابق، ولكنه عجز هذه المرة أيضا عن أن يثبت أمام الدرقاوى. فاضطر داى الجزائر بعد ذلك بعام إلى إحلال الباى أبو كبوس للدرقاوى أن يغمضوا جفونهم، كما أجلى عبد القادر ابن شريف الذي كان قد شرع يعود إلى مناوشة الوالى التركى جنوبا نحو عين


(١) الداى هو الحاكم العام للجزائر من قبل الترك وليس بداعى واستعمال هذا خطأ.
[إطفيش]