ماضى على يد الباى الجديد، وحاول أن يجد لنفسه ملجأ هناك. ولما لم يستطع بلوغها رجع سرا من حيث أتى، ولجأ إلى بنى سنسن، وهناك استنفر أهل الحدود الوهرانية المراكشية بمعونة زوج ابنته بوترفاس، وبخاصة قبيلة ترره، فسار الباى لملاقاتهم وهزمهم، وفي عودته عرقل الجليد سير جنده فلم يجد بدا من المبادرة إلى الانسحاب بجيشه وقد شاع الاضطراب فيه. ثم استدعى إلى وهران وصرف عن منصبه وأعدم.
وعندئذ ثارت الربوع الشمالية من إقليم وهران بأسرها، واعتكف قائد مجد يعمل مع الترك اسمه على قره وغلى في مزونة وثبت للثائرين، على حين سار عمر أغا رسول الداى لتخليص حامية ندرومة على الحدود. وعين قره بغلى بايا، وسار القائدان بجيوشهما في أنحاء تلمسان وترره لإرهاب السكان وإخضاعهم لسلطانهما.
واستتب الأمن بعض الوقت في غرب الإمارة، على أنه حدث في عام ١٨١٦ أثناء ضرب الإنجليز الجزائر بالقنابل، أن ظهر عبد القادر بن شريف مرة أخرى واستنفر الأحرار على الحدود وسار لملاقاة الترك، ففرق الباى جنوده وانسحب ابن شريف إلى فيجيج.
ولم يكظم سلطان مراكش موجدته طويلا على النفوذ الذي أصابه مولاى العربي الدرقاوى وأتباعه، فقد اشتبه فيه أو اتهمه بتحريض الثوار في مملكته وألقاه في السجن؛ واستعاد مولاى العربي حريته بموت السلطان مولاى سليمان عام ١٨٢١ م. ومن ثم لم يصبح للدرقاوى الشأن الأول في السياسة العسكرية ضد الترك، وقد كتب لهم أن يستعيدوا شأنهم فيما بعد إبان الوجود الفرنسى.
وفي عام ١٨٣٤ استنفر سى موسى الدرقاوى أولاد نايل وقادهم في جهاد ضد النصارى واحتل مدية، ولكنه هزم سنة ١٨٣٥ على يد الأمير عبد القادر الذي كان سى موسى قد قلب خططه رأسا على عقب، بيد أن سى موسى ظهر مرة أخرى إبان فتنة "زاتشة" وفيها قتل.