الطائفة جيلا أو جيلين بعد وفاة الشيخ يتزعمها تلميذ نابه من تلاميذه. وظلت الحال تجرى على هذا المنوال زمنًا طويلا، فلم يكن ثمة هيئة لها طبيعة الهيئات الدائمة تحتفظ بنظام خاص وعبادات خاصة يجمعها اسم معروف معلوم. ولم تقم الطرق التي لها هذه الصفات إلَّا في القرن السادس الهجري، أي في الحقبة المضطربة التي تمزقت فيها أوصال الدولة السلجوقية. والظاهر أن القادرية التي أنشأها عبد القادر الجيلاني المتوفى سنة ٥٦١ هـ هي أول طريقة باقية لها أصل تاريخى معلوم. ثم ظهرت طرق أخرى بكثرة تحير العقول. وبعض هذه الطرق أنشأها أولياء قائمون برأسهم، وبعضها انشعبت من طرق أخرى أقدم منها عهدًا. على أن هذه الأصول التاريخية يجب أن نفرق تفرقة تامة بينها وبين الروايات التي ترويها كل طريقة عن أصل شعائرها الخاصة وأذكارها. وكما أن الصوفية ترد أصلها إلى النَّبِي [- صلى الله عليه وسلم -] نفسه، بل إلى الله وجبريل والنبي [- صلى الله عليه وسلم -] فتحمى بذلك شرعيتها من التجريح، فكذلك ترد هذه الطرق أصولها إلى طبقة من الأولياء المشهورين حتَّى تصل بها إلى منشئها الأول. ويعرف ذلك بسلسلة الطريقة. وثمة سلسلة أخرى مشابهة لهذه تبدأ بمنشئ الطريقة وتنتهي بشيخها الحالى. ويجب على كل درويش أن يعرف السلسلة التي تربطه بالله ذاته، وأن يؤمن بأن العقيدة التي تقول بها طريقته هي روح الإِسلام وأن شعائرها صحيحة صحة الصلاة. والشيخ (شيخ، مرشد، أستاذ، ببر) الذي يدخل المريد على يديه في الطريقة هو الصلة بينه وبين السلسلة. ويتم هذا الدخول بأخذه "العهد" عليه، وهذا العهد إجازات وعوائد (١) صوفية تختلف باختلاف الطرق. وكان المريد من قبل يمر بمراحل طويلة أو قصيرة في دخوله في الطريقة، ويتضح من بعض صور هذه المراحل أن المريد يكون مسلوب الإرادة حيال الشيخ ويكون بينه وبينه وفاق.
وشريعة الدراويش هي دائمًا ضرب من الصوفية تتفاوت باختلاف الطرق