للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من سكينة الزهادة إلى القول بأن الإيمان إنما يكون بالقلب وذلك تمشيا مع مذهب وحدة الوجود. ويغالى في هذا القول إلى حد أن الدراويش في فارس ينقسمون فريقين: فريق مع الشرع (باشرع) أي يتبعون الشريعة الإِسلامية، وفريق بلا شرع (بى شرع) أي ينكرون شعائر الدين وما جاء به من قانون خلقى. ويمكن أن نقول بصفة عامة إن بعض طرق الفرس والترك قد انحرفت عن الإِسلام أكثر من السوريين أو العرب أو الإفريقيين كما أن الطريقة الواحدة في أمة قد تختلف صورها باختلاف البلاد. وتعنى شعائر الطرق دائمًا بالحياة الوجدانية الدينية، وتجنح إلى استحداث ظواهر من الاستدراج (١) (الذاتى أو غير الذاتى) وحالات من الوجد. وتتميز طريقة من هذه الطرق، هي الخلوتية بأنها تتطلب من جميع أتباعها أن يقضوا فترة من كل سنة في خلوة ممسكين عن الطعام إلى أقصى ما يسعهم الجهد مرددين الأذكار ترديدًا لا ينقطع. ويؤثر هذا في جهازهم العصبي ومخيلتهم تأثيرا واضحا بينا. وتعرف العبادة الشائعة بين أرباب الطرق جميعًا بالذكر أي ذكر الله (القرآن، سورة الأحزاب، الآية ٤١، وهذه الآية هي عمدة أرباب الطرق)، والغرض من الذكر هو تذكير العابد بعالم الغيب وأن اعتماده عليه. ومن الواضح أن الذكر يصحبه ضرب من السمو بالشعور الديني وإحساس بالسعادة. على أن الاستدراج يصحبه أَيضًا حالات جسمانية معينة وظواهر تثيره أو تعقبه، ويتواجد أرباب طريقة المولوية التي أنشأها جلال الدين الرومي المتوفى في قونية سنة ٦٧٢ هـ بالرقص الدوار. أما السعدية فقد جروا على اصطناع ما يعرف بالدَوْسةَ وما زالوا يلجئون في تكاياهم إلى قرع الطبول الصغيرة المعروفة باسم "باز" وقد حرم استخدام هذه الطبول الآن في المساجد المصرية وعد بدعة من البدع (انظر تاريخ محمَّد عبده جـ ٢. ص ١٤٤ , وما بعدها) ولكل طريقة من


(١) الاستعانة بوسائل سيكولوجية كالاستهواء.