طرق السعدية والرفاعية والأحمدية فعال خاصة قوامها أكل الجمرات والثعابين الحية أو العقارب والزجاج وإنفاذ الإبر في أجسامهم وإدخال المسامير في عيونهم. وإلى جانب هذه الفعال، والتي قد يكون بعضها قائمًا على الحيل وبعضها قد تيسر بحالة من حالات الاستدراج، فإنَّه تبدو بين الدراويش ظواهر ذاتية من محاضرة ومكاشفة بل تصعيد في الهواء. وهذه الظواهر جديرة بأن تلقى من عنايتنا واهتمامنا أكثر مما لقيت حتَّى الآن على أنها لا تظهر إلَّا على الأولياء دون سواهم وهم يعرفونها بالكرامات (. . .) يفيئها الله عليهم. على أنَّه يوجد علاوة على هذا العدد الصغير من شيوخ الطرق الذين يقيمون في التكايا (خانقاه أو رباط أو زاوية أو تكِيّة) أو يطوفون طواف فقراء الرهبان (والقلندرية طريقة مأخوذة من البكتاشية، وهي تفرض على أربابها مداومة الطواف) عدد آخر كبير من الأتباع غير العارفين وهم يشبهون الطَّبقة الثالثة من رهبان طائفة الفرنشسكان والدومينيكان، يعيشون مع سائر النَّاس، ولا يفرض عليهم إلَّا أداء عبادات يومية معلومة، وحضور حلقات الذكر في التكايا من حين إلى حين. ولا شك في أن عدد الدراويش كان في وقت من الأوقات أكثر بكثير مما هو الآن، وخاصة في مصر أيام المماليك، فقد كانت تكاياهم كثيرة جدًا والأوقاف المحبوسة عليها كبيرة. وكان مقامهم في تلك الأيام أرفع كثيرًا مما هو عليه الآن فالفقهاء والعلماء ينظرون إليهم في الوقت الحاضر بازدراء في النزاع الجوهري بين أهل الباطن من ناحية وأهل الحديث وأهل الرأى من ناحية أخرى. ويخرج معظم الدراويش في الوقت الحاضر من بين الطبقات الدنيا في المجتمع، والزاوية في نظرهم بمثابة مسجد ومنتدى. وصلتهم بها أخص من صلتهم بالمسجد، ومن ثم أصبحت الطرق تعادل في مكانتها وشأنها الهيئات الكنسية القائمة بذاتها عند المسيحيين البروتستانت. وهذا هو السبب الذي حدا بالحكومات في عصر متأخر إلى الإشراف عليها بعض