بالقرآن والسنة، وهو يمتدح قيام الليل تعبدًا كثير المدح، ويقول إن ركعة واحدة فى الليل تعدل ألف ركعة فى النهار، وهو ينزل "الذكر" منزلة كبيرة على أن يكون ذلك بالقلب، فإذا لم يكن كذلك كان شقشقة. وأقصى ثمار الذكر "الوجد" ويحصل على هذا الوجه: فى حالة الاتصال بالله يفيض نور إلهى على قلب العابد يقشعر له بدنه، ويغشاه الوجد حينئذ، ويتعلق بالله التعلق كله، والإيمان هو أثمن شئ، وأكثر الناس إيمانًا أتقاهم. أما تعاليمه الخلقية وتعاليم أتباعه فيمكن استخلاصها مما ذهبوا إليه من أن طريقتهم تعتمد على القرآن والسنة والحق والطهر والصدق والصبر على المكروه والوفاء بالوعد، وذهبوا كذلك إلى القول:"لا تشمت بمصيبة أحد من خلق الله تعالى، ولا تنطق بغيبة ولا نميمة، ولا تؤذ من يؤذيك، واعف عمن ظلمك، وأعط من حرمك"، ونجد للإنجيل أثرًا واضحًا فيما ذهبوا إليه من:"أشفق على اليتيم، واكس العريان وأطعم الجيعان، وأكرم الغريب والضيفان، عسى أن تكون عند الله من المقبولين". وقالوا كذلك:"إياك وحب الدنيا، فإنه يفسد العمل الصالح كما يفسد الخل الزيت". وهم يرون أن الشيخ فى قومه كالنبى فى أمته وقد سموا عامة المتصوفة "القوم" بينما أطلقوا على غيرهم من الناس "الخلق" على أن الاسم الشائع للمتصوفة هو"الفقراء". ولسنا نفهم مغزى قول أحمد:"إن الفقراء كالزيتون، وفيهم الصغير والكبير، ومن لم يكن له زيت فأنا زيته"، وهذا يخالف قول يوحنا المعمدان (الإصحاح ١٥، الآية ٢).
وبعد أن توفي أحمد أصبح عبد العال الذى لازمه منذ طفولته أربعين عامًا خليفة له، وحمل آثاره وهى "البشت" الأحمر ولثامه وعلمه الأحمر، وابتنى خلوة حول قبره صارت على مر الأيام مسجدًا كبيرًا. ويظهر أنه كان صارمًا مع أتباعه، ورتب "الشعائر" وتوفى عام ٧٣٣ هـ (١٣٣٢ - ١٣٣٣ م).
ويظهر أن الاحتفال بمولد أحمد وتقدير الناس لهذا الولى فى البلاد الأخرى قد تزايد بسرعة وإن لم يخل ذلك من معارضة ومقاومة. فقد كان العلماء فى جملتهم يعادون التصوف