للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وندبة بين عينيه من طعنة موسى، وكان يلبس بشتا من الصوف الأحمر وعمامة اعتاد ألا يخلعها للغسل حتى تذوب، وقد احتفظ خليفته بطرف من عمامة له واتخذه شعارًا، وأثر عنه أنه كان يقسم بـ "وعزة ربى"، ويظهر أنه قد أحس فى أخريات حياته أنه قد ملك على أهل مصر زمامهم، وهذا ما أفهمه من رواية الشعرانى (جـ ١، ص ٢٤٧، س ٣٤ وما بعدها) عنه أنه قال "سواقىّ تدور على البحر المحيط لو نفد ماء سواقى الدنيا كلها لما نفد ماء سواقىّ". وكان يقوم الليل على تلاوة القرآن كما كان يأتم به إمامان فى الصلاة. أما فيما يتعلق بحاله فقد قيل إن "حضوره أكثر من غيابه". وبعد أن عاش فى طنطا على هذا المنوال إحدى وأربعين سنة توفي فى الثانى عشر من ربيع الأول عام ٦٧٥ هـ (٢٤ أغسطس ١٢٧٦ م) أى أنه توفي فى اليوم الذى توفى فيه رسول الله [- صلى الله عليه وسلم -]. ويؤخذ من سلوك أحمد البدوى أنه كان من طبقة الدراويش الدنيا الذين هم أشبه شيء بطائفة "اليوجا" فى الهند، كما كانت شخصيته ضئيلة القدر من الوجهتين العقلية والأدبية، وقد وصل إلينا من ثمار عقله ما يأتى:

١ - حزب (فهرس مكتبة برلين، جـ ٣، ص ٤١١، رقم ٣٨٨١).

٢ - صلوات، وقد شرحها عبد الرحمن بن مصطفى عيدروس (من عام ١١٣٥ - ١١٩٢ هـ = ١٧٢٢ - ١٧٧٨ م) وهو أحد مشاهير الصوفية فى القرن الثانى عشر الهجرى (الثامن عشر الميلادى) بعنوان "فتح الرحمن" (انظر فهرس الكتبخانة المصرية, ج ٧، ص ٧٨).

٣ - وصايا، وجهها بخاصة إلى عبد العال أول خلفائه. والأقوال والعظات التى وردت فى هذه الوصايا، هي جمل عامة ليس لها إلا طابع شخصى ضئيل، ولهذا فهي تتقق مع الآراء الأساسية للزهاد المسلمين فى جميع عصورهم، بل يشبه بعضها مذاهب غير المسلمين فى الزهد والتصوف. ونحن نشك فى أن تكون هذه الآراء ثمرة من ثمار أحمد الروحية وفى إمكان اتفاقها وذوقه الصوفى. وأول الوصايا ما يحث على التمسك