معظم أيامه في مسقط رأسه حيث ظل مرصده يشار إليه فيها عدة قرون من بعد. أما تاريخ وفاته فيختلف الرواة فيه. ولعل أوثق الروايات هي التي تقول إنه توفي في السادس والعشرين من جمادى الأولى سنة ٢٨٢ هـ (٢٤ يوليه ٨٩٥ م) وكان إنتاجه الأدبى، مثل الجاحظ الذي كان يقرن به في كثير من الأحيان، يجمع بين التسلية والتثقيف. ولم يصل إلينا من مؤلفاته بنصه الكامل إلَّا "كتاب الأخبار الطوال" وهو يتخير فيه تلك الفترات من تاريخ العالم التي زودنا الحديث عنها بمادة نصلح للبحث المستفيض. وهو يوجه أَيضًا عناية خاصة إلى المسائل التي يهتم بها الفرس اهتماما شديدًا. ومن ثم فهو يمدنا بأخبار مفصلة عن تاريخ الإسكندر، ودولة الساسانيين وفتح العراق على يد العرب، ويسهب في وصف معركة القادسية، والمعارك التي وقعت بين على ومعاوية، ويتحدث عن الخوارج، ومقتل الحسين، وفتن الأزارقة، وفتنة المختار، وسقوط الأمويين، ومكائد العلويين وخاصة في خراسان في أثناء تناوله بإيجاز تاريخ الخلفاء (طبعة W. Guirgass , ليدن ١٨٨٨, وقد قدم له بمقدمة أخرى وعمل له فهرسا كراتشكوفسكى سنة ١٩١٢ م).
أما مؤلفه الآخر "كتاب النبات" الذي فقدت نسخته الأصلية وبقيت منه مقتطفات عدة في كتب فقهاء اللغة وخاصة ابن سيده، وكذلك في ابن البيطار، فهو أهم بكثير من الناحية العلمية. وهذا الكتاب، كالكتب التي تقل عنه كثيرا في الشمول والتى تشترك معه في الاسم ككتاب أبي زيد وكتاب الأصمعى، يعد ثمرة لدراسة الشعراء الأقدمين دراسة لغوية. والغرض من تأليفه هو شرح النباتات الكثيرة التي ذكرها هؤلاء الشعراء. ومن ثم فقد اقتصر على نباتات بلاد العرب، ولكنه شمل أَيضًا النباتات الأجنبية التي تأقلمت فيها. ولم يعتمد الدينورى على ملاحظاته الخاصة في أوصافه الواضحة العظيمة الإسهاب التي يمكن أن يقال إنه يدين بها بعض الدين لمؤلفات من سبقوه من القدماء، ولكنه جمع تلك الملاحظات من المعلومات التي استقاها بنفسه أو جمعها أسلافه من عرب الصحراء. فقد كان هؤلاء العرب