للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال إن امرأة جاءته وقالت إن أبنها أخذه التمساح؛ فلما رأى حرقتها على ولدها أتى النيل وقال: اللهم أظهر التمساح، فخرج إليه التمساح، فشق عن جوفه وأخرج ابنها حيا صحيحًا (١).

وإذا كان النون هو الحوت العظيم، وكان يونس النبي عليه السلام قد سمى بذى النون لقصته المعروفة مع الحوت، كما يدل على ذلك قوله تعالى: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} (٢) " وكان لثوبان بن إبراهيم الصوفى المصري قصة مع التمساح كقصة يونس مع الحوت، إذا كان ذلك

كذلك فقد تبين إذن لم سمى الصوفى المصري بذى النون. ولعل كل ما هناك من فرق بين ثوبان بن إبراهيم المصري وبين يونس النبي في هذه التسمية، هو أن يونس النبي عليه السلام قد سمى بذى النون لأن النون الَّذي هو الحوت كان قد التقمهً على حين أن ثوبان بن إبراهيم المصري قد سمى بذى النون لأن له كرامة مع التمساح الَّذي أشرنا إليه في القصة المروية آنفا.

أما متى وأين ولد ذو النون المصري، فلا يكاد يذكر أحد من المؤرخين والمترجمين الذين وقفنا على كتبهم شيئًا عن التاريخ الَّذي كان فيه مولد ذلك الصوفى العظيم، وإنهم ليختلفون أيضًا حول الموطن الَّذي كان فيه مولده، وترد إليه نشأته الأولى: فسواد

أصحاب التراجم والطبقات متفقون على أن والدى ذى النون المصري كان أحدهما أو كلاهما من أصل نوبى، ولكن بعضهم يرى أن مولد ذى النون كان بإخميم من صعيد مصر (٣)، وبعضهم الآخر يذهب إلى أنَّه من أصل نوبى ثم نزل إخميم فأقام بها (٤). وسواء كان مولده بإخميم أم ببلاد النوبة، فإنه كان على كل حال مصرى المولد والنشأة، والعناصر التي تتألف منها حياته

وثقافته وولايته، والأحداث التي، وقعت


(١) الشعرانى: الطبقات الكبرى، بولاق ١٢٨٦ هـ ج ١، ص ٧٨.
(٢) سورة الأنبياء، آية ٨٧.
(٣) السيوطي: حسن المحاضرة، القاهرة ١٣٣٧ هـ ج ١، ص ٢١٨.
(٤) المناوى: الكواكب الدرية، القاهرة ١٣٥٧ هـ - ١٩٣٨ م, ص ٢٢٣.