كل الرضا". ونسبت إليها كرامات، شأنها في ذلك شأن غيرها من أولياء المسلمين، فقد كان الطعام يأتيها بوسائل خارقة فتقرى به ضيوفها وتسد رمقها. ونفق بعير لها وهي تقوم بفريضة الحج، فرُدت له الحياة ليقوم بخدمتها. ولم تكن في حاجة إلى مصباح لأن النور كان يشع من حولها.
وقد روى أنَّه لما حضرتها الوفاة قالت لأصحابها: "انهضوا واخرجوا، ودعوا الطريق مفتوحة لرسل الله تعالى" فنهضوا جميعا وخرجوا، فلما أغلقوا الباب سمعوا صوت رابعة وهي تقول الشهادة، فأجابها صوت {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (٢٧) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (٢٨) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (٢٩) وَادْخُلِي جَنَّتِي} (سورة الفجر، الآيات ٢٧ - ٣٠) ورؤيت رابعة في المنام، فسئلت بماذا أجابت منكرا ونكيرا فقالت: "أتانى منكر ونكير فسألانى: من ربك؟ فأجبت: أيها الملكان، اذهبا وقولا لحضرة الله تعالى: أنت تأمر بسؤالى، أنا المرأة العجوز، بين هذا العدد من عبيدك، أنا التي لم أعرف غيرك! أفنسيتك مرة حتَّى تبعث إلى بمنكر ونكير يسألاننى؟ "
ومن بين دعواتها دعاء اعتادت أن تردده بالليل من فوق سقف لها "إلهى، أنارت النجوم، ونامت العيون، وغلقت الملوكُ أبوابها، وخلا كل حبيب بحبيبه، وهذا مقامى بين يديك". ومن دعواتها أيضًا: "إلهى إذا كنت أعبدك خوفًا من نارك فأحرقنى بنار جهنم، وإذا كنت أعبدك طمعًا في جنتك فأحرمنيها، أما إذا كنت أعبدك من أجل محبتك فلا تحرمنى من مشاهدة وجهك".
وقالت في التوبة، وهي أول مقامات الصوفية [مجيبة من سألها]، "هل لو تبت يتوب على؟ " فقالت: "لا، بل لو تاب عليك لتبت" وكان من رأيها أن الشكر يكون على رؤية المنان لا على منته. ولما طلب إليها في يوم من أيام الربيع أن تخرج لتتأمل آثار قدرة الله قالت [لخادمتها] "بل ادخلى أنت وتعالى تأملى القدرة في نفسها" وأضافت "إن مهمتى أنا هي أن اتأمل القدرة". ولما
قيل لرابعة "ما تقولين في الجنّة؟ " قالت "الجار ثم الدار" وقد علَّق الغزالى على ذلك بقوله: