وكان رباط المنستير هو أول رباط أنشئ في إفريقية، شيده الوالى العباسى هرثمة بن أعين عام ١٧٩ هـ (٧٩٥ م). وكان القرن الثالث الهجرى (التاسع الميلادى) هو العصر الذهبي للرباطات، فقد ضاعف الأغالبة عدد الرباطات الحقيقية والمحارس على طول الشواطئ الشرقية. والمحرس منطقة محصنة تضم حامية صغيرة أو برج مراقبة. وقد احتفظت المنستير بتفوقها في هذا المضمار، ويقال أن النبي [- صلى الله عليه وسلم -] قد تنبأ لها بذلك. وكان الشهداء في القرن الثانى عشر تحمل رفاتهم من
المهدية إلى هناك لتثوى عظامهم في هذه البقعة المباركة. واكتسب رباط سوسة الَّذي أنشأه زيادة الله الأغلبى ٢٠٦ هـ (٨٢١ م) شأنًا عظيمًا.
والمعروف أن سوسة كانت الثغر الَّذي يبحر منه الجند لغزو صقلية. وكانت بقية الشواطئ المغربية أقل ازدحامًا بهذه الرباطات إذا قورنت بالشاطئ الشرقى لإفريقية الَّذي كان عرضة لهجمات الروم المباشرة، أو كان قاعدة تخرج منها الحملات البحرية. على أنَّه كان ثمة رباطات على شاطئ المغرب الأقصى بعضها في نكور وأرزلة، وقد قصد به رد غارات قراصنة الشمال، وبعضها في سلا لتيسير أسباب الغارة على هراطقة برغواطة.
وكان معظم هذه الرباطات منشآت حكومية، إلا أن خدمة المحاربين فيها لم تكن بأى حال من الأحوال إجبارية.
فرجال الرباط (المرابطون) متطوعون من أهل التقى والورع نذروا أنفسهم للذب عن الإسلام. وقد يلتحق بعضهم بالرباط بوصفه تكية يقضون فيها بقية أيامهم، على أن الغالبية الكبرى كانت تقضى فيه أيامًا من السنة محدودات طالت أو قصرت. وكانت الحاميات في الرباطات تستبدل استبدالًا تامًا عدة مرات في السنة.
وكان استبدال الحامية برباط أرزلة يتم في عاشوراء (اليوم العاشر من المحرم) وفى بداية رمضان، وفى عيد الأضحى. وكان يقام - لهذه المناسبة سوق هام. وكانت حاميات هذه الرباطات تدعم في حالة الخطر برجال ذوى بأس من البلاد المحيطة. وقد جرت