الحال على استدعائهم بقرع الطبول (في فلسطين، كما جاء فى المقدسي).
وكان أهل الرباطات ينفقون حياتهم في التدريب العسكرى وفى الحراسة كما كانوا ينفقونها أيضًا في التعبد. وكان المرابطون يعدون أنفسهم للاستشهاد بالصلوات الطويلة يقيمونها تحت إرشاد شيخ من الشيوخ المبجلين. ولكن كشف لنا الرحالة ابن حوقل عن جانب مظلم لهذه الصورة الحافلة بأسباب الهداية والتهذيب. في حديثه عن رباطات بلرم (بالرمو) في القرن الرابع
الهجرى (العاشر الميلادى).
وقد تجلت الصفتان الحربية والدينية لحياة المرابطين في عمارة الرباطات القديمة التي ما زالت قائمة إذ احتفظت بلاد تونس برباط المنستير وسوسة. ولايزال أولهما يبعث المهابة في النفس، غير أن التجديدات الكثيرة التي طرأت عليه قد عقدت من خطة البناء الأصلى. ويمكن أن نعد الرباط الثانى ذا الخطبة البسيطة مثالا لهذه الرباطات. فهو بسوره المربع المرتفع الَّذي تكتنفه الأبراج نصف المستديرة من أركانه ووسطه يذكرنا بحصون الروم (البوزنطيين) في هذه البلاد.
وينفتح مدخله الوحيد في منفذ من المنافذ القائمة في منتصف السور. وثمة سلم يهبط درجة إلى الداخل حيث تقوم الباحة الوسطى تحيط بها أروقة مسقوفة وصوامع غاية في البساطة.
والصعود إلى الطابق الأول أيضًا من صوامع تقوم على الجوانب الثلاثة للباحة. وتمتد على طول الجانب الرابع قاعة بها محراب. وهذه القاعة هي مصلى الرباط. وبحائط القبلة كوى للمدافع. ويقوم على مستوى الشرفات التي تعلو هذا الطابق الأول باب برج
الإشارة، وهو برج أسطوانى الشكل يرتفع من القاعدة المربعة لإحدى الزوايا الخارجية القائمة في ركن من أركان الرباط ويشرف على الحصن من ارتفاع يبلغ ستين قدمًا تقريبًا. وهناك قبة صغيرة تقوم أيضًا فوق الشرفات تتوج الساحة المربعة التي أمام المحراب في المصلى كما هو الشأن فى مساجد هذا العهد.