ويردنا رباط سوسة إلى عهود البطولة عندما كانت هذه المؤسسة تصطبغ بطابع حربى واضح، وقد كان لهذه الثغور شأن حربى هام على تخوم البلاد الإسلامية، كما أنها احتفظت بهذه الصبغة طوال القرنين الحادى عشر والثانى عشر بالمغرب الأقصى حيث ابقى القتال الَّذي كان مشبوبًا مع النصارى في الأندلس على سنة الجهاد.
ونحن نعلم أن الرباط الَّذي شيد على جزيرة من جزائر السنغال الأدنى كان هو المعقل الَّذي خرج منه بربر لمتونة للجهاد، ومن ثم عرفوا بالمرابطين، وهو الاسم الَّذي اشتهروا به في التاريخ وكان للموحدين الذين جاءوا من بعدهم رباطاتهم الخاصة. وهناك رباطان من رباطاتهم على الأقل تستأهل الذكر، وهما: رباط تازا الَّذي حصنه عبد المؤمن عام ٥٢٨ هـ (١١٣٨ م) في الوقت الَّذي خرج فيه على رأس حملة لقتال المرابطين، وهي الحملة التي اصطبغت بصبغة الجهاد. ورباط الفتح، الَّذي بقى اسمه علمًا على مدينة رباط، كان على أيسر تقدير المعسكر الكبير الَّذي تتجمع فيه الجيوش التي تستعد عبور البحر إلى الأندلس، ولعله كان الثغر الَّذي تبحر منه هذه الجيوش. وقد بقيت مكانة هذه المؤسسة الموحدية إلى ما بعد زوال الأسرة التي قامت بتشييده.
وكانت رباط، أو بالأحرى مدينة شالة الصغيرة المجاورة لها - وتعتبر أيضًا رباطًا - هي المقبرة التي يدفن فيها أمراء المرينيين، وكانوا يبتغون من ذلك أن يكون لهم أجر المقاتلين في سبيل الله.
وكان القوم لا يزالون يشيدون المحارس وأبراج الإشارات في القرن الرابع عشر ويتخذونها رباطات تنبههم إلى نزول النصارى على الشاطئ.
ويذكر ابن مرزوق مورخ أبى الحسن المرينى وجغرافيه الخاص في حديثه عنها أنه كان يرابط في هذه المعاقل جنود من المرتزقة. ولم تكن هذه المحارس والأبراج رباطات بالمعنى الصحيح للكلمة، وكانت حامياتها من المتطوعين. على أننا إذا صادفنا بالمغرب الأقصى في القرن السادس عشر رباطات من قبيل رباط آسفى كان له شأن حربى في النضال مع البرتغال،