يجتمع فيه الزهاد حول شيخ من الشيوخ أو حول ضريع واحد منهم.
ومن الحقائق التي لا تقبل الجدل أن ابن مرزوق يفرق في هذا المقام بين الزاوية والرباط، على أن هذه التفرقة مازالت مع هذا غامضة. ذلك أنه يذكر لنا في حديثه عن الزوايا التي أنشأها شيخه أبو الحسن أن كلمة الخانقاه، وهي كلمة فارسية، لها معنى كلمة رباط، ثم يضيف قائلًا إن الرباط في مصطلح الفقراء هو الانقطاع للجهاد وحماية الثغور، أما عند الصوفية فهي تدل على
المكان ينقطع فيه المرء لعبادة الله.
والظاهر أن هذا الاستعمال الأخير هو الَّذي كان شائعا في عهده. ورباط العُباد هو مجموع المنشآت الخيرية التي قامت بالقرب من تلمسان حول ضريح الصوفى الشهير سيدى بومدين، وقد أقيم رباط تسكدلت إلى الجنوب الغربى من وهران إحياء لذكر ولى من أولياء بنى إزناسن. ويضم رباط تافر طاست القائم على حدود وادى سبوقبرى أميرين من أمراء المرينيين وأروقة للطلباء (المقرئين).
ويمكننا أن نربط هذا الاستعمال الخاطئ للكلمة العربية القديمة بالتغير المماثل الَّذي طرأ على كلمة مرابط، فهي تطلق على ولى من الأولياء اكتسب احترام من يلوذون به وتبجيلهم بفضل خلاله الخاصة أو بفضل أخذه الولاية الصوفية عن غيره، أو بفضل علاقته بولى آخر من الأولياء.
أما في الأندلس آخر بلاد الجهاد، فيحق لنا أن نذهب إلى أن الرباطات كانت ترصع تخومها التي كانت تتغير على تعاقب الأزمان وفقًا لما كانت تلقيه إعادة فتح الأندلس من أعباء على البلاد الإسلامية. والتحقق من ذلك يقتضينا أن ننتظر حتَّى تمدنا دراسة النصوص والبحوث التي يشرف عليها كل من هرناندز F. Hernandez وتراس - H. Ter rasse للمنشآت الحربية بالأندلس من تفصيلات دقيقة عن تاريخ معاقلها والأغراض التي أقيمت من أجلها. وقد يؤدى بنا تطور معنى كلمة رباط إلى القول بأنها أصبحت لا تدل بعد على الحصن. وكثيرًا ما يستعمل كتاب العرب الأندلسيون وكذلك المقرى والفقراء الذين ذكرهم ابن مرزوق كلمة رباط