وقد كانت ربيعة ومضر تابعتين مدة مع الزمن لمملكة كندة التى كان حكامها يحملون لقب ملوك معّد (أو مضر) وربيعة Geogr: Sprenger ص ٢١٦).
واعترفت بقية ربيعة ومضر، شأن بكر وتغلب، بإمارة الحارث بن عمرو المقصور الكندى الذى قادهم إلى النصر فى حربهم مع الملوك الغسانيين واللخميين، ولكنه فقد الأرض التى فتحها (حمزة الإصفهانى، طبعة Gottwaldt جـ ١، ص ١٤٠). وحدث عقب وفاته أن دالت مملكة ذى نواس على يد الأحباش، وأصبح الكنديون لا يدينون بالولاء لليمن، وعندئذ نشبت حرب البسوس بين بكر وتغلب. وانتهى "يوم الكلاب الأول"، ويعرف بيوم كلاب ربيعة لأن القبيلتين كانت من نسل ربيعة بن نزار، لصالح تغلب، فولت ربيعة وجهها شطر المنذر الثالث ملك الحيرة، فما كان من هذا الملك إلا أن بسط سلطانه على ربيعة ومضر وغيرهما من قبائل جزيرة العرب الوسطى (اليعقوبى، المصدر المذكور؛ ياقوت: المعجم، جـ ٤، ص ٢٩٤ وما بعدها). وإلى هذا العهد تنتسب غزوة تغلب لأرض الجزيرة، والراجح أن تغلب هى أول من نزل بالجزيرة من الربايعة. وتبعها بنو نمر بن قاسط وغيرهم من قبائل ربيعة الأخرى، ولم تخمد نار العداوة بين تغلب وبكر، ووقفت كل منهما فى طرف يوم ذى قار وكانت غلبة بكر التى أشيد بها وعدت نصراً كبيراً على الفرس (انظر Sasanide: Noldeke , ص ٣١٠ وما بعدها، وهى وقعة يجعلها ياقوت سابقة على هذا التاريخ، جـ ٢، ص ٧٣٥ وما بعدها) سبباً فى تحرير قبائل جزيرة العرب الوسطى من النير الأجنبى، ومهدت الطريق لظهور الإسلام.
وتقول القصص إن مضر كانت لها صلات قديمة جداً بالكعبة. وقد طردت إياد امراء تهامة وسدنة الكعبة من مكة.
وتمت الغلبة لمضر فى النزاع الذى نشب من أجل القيام على البيت العتيق، ولكنها اضطرت إلى التخلى عن سدانة الكعبة لخزاعة، ولم يبق لها من الشئون الدينية الخالصة المتصلة بالحج إلا ثلاثة هى إجازة عرفات، وإضافة المزدلفة، وإجازة منى، وظلت الأسر المضرية تتولى ذلك أيضاً بعد التقسيم الجديد الذى أجرته قصى (انظر ابن خلدون: العبر، جـ ٢، ص ٣٣٣ , ٣٣٥؛