صادق مضر" (وربما كانت الرواية الأخرى التى تقول "أحب إلينا من كذاب مضر" أحسن من الرواية الأولى: الطبرى، جـ ١، ص ١٩٣٦ وما بعدها؛ وربما كانت هذه الرواية أقدم ما يبين عن الخلاف بين ربيعة ومضر). وحدث فى السنة نفسها أن "ربيعة" فى
البحرين ولت عليها ملكا من أهلها، ولا يمكن أن يكون المقصود بربيعة هنا سوى قبيلتى قيس بن ثعلبة وعبد القيس (الطبرى، جـ ١، ص ١٩٦٠, البلاذرى: فتوح البلدان، ص ٨٣ وما بعدها). ويرد ذكر قبائل ربيعة ومضر منذ هذا التاريخ بوصفهما من
الكتائب ذات الشأن فى الجيوش الإسلامية. على أن الروايات تبالغ فى ذكر عددهم مبالغة مشكوكا فيها (انظر Annali: Caetani حوادث سنة ١٢ هـ، الفصل ١٨٨ تعليق ٥). وقد باغت المثنى عند فتحه السواد سنة ١٣ هـ ربيعة وقضاعة مجتمعين فى سوق الخميس، وكانت لا تزالان خاضعتين للساسانيين (الطبرى، جـ ١، ص ٢٢٠٢ وما بعدها). وبعد ذلك بخمس سنوات أنفذ جيش كبير إلى الرقة ونصيبين وبدو ربيعة وتنوخ (ابن خلدون: العبر، المجلد ٢، جـ ٢، ص ١٠٧ وما بعدها).
وليس ثمة ما يدعونا إلى تتبع تاريخ ربيعة ومضر فيما بعد، ذلك بأنه يتضح مما سبق أن هذين الاسمين إنما يعرف بهما عشائر قليلة، ولا يطلقان على جميع هذا الحلف من القبائل كما ذهب إلى ذلك علماء الأنساب. والأغلب أن الاسم ربيعة يقصد به بكر وتغلب فحسب أو واحدة منهما فقط. ونجد أحياناً جميع قبائل ربيعة داخلة فى مضر (العقد، جـ ٢، ص ٣٩، س ٣٠)، وهذا يزيد فى أسباب البلبلة والاضطراب. وترد بعض الروايات مبدأ هاتين القبيلتين إلى تاريخ موغل فى القدم، فيتعذر علينا أن
نقطع بوجودهما فى هذا التاريخ، أو يحملنا ذلك على القول بأن وجودهما فى تلك الأيام يعد كما هى الحال بالنسبة لمعد ونزار ضربا من الانتحال.
وقد بين لنا كولدسيهر (. Muh. Stud. جـ ١، ص ٩٤ وما بعدها) أن العداء بين عرب الشمال وعرب الجنوب ترد أصوله إلى المنافسة بين قريش والأنصار، وهو يرى أن الحروب الأولى التى نشبت بين معد واليمن من إبداع