أعلاها وهى منسوبة كذلك لامرئ القيس؛ انظر إلى ذلك Arabic: Wright Grammar، جـ ٢، الفقرات ٢١٢، ٢١٩، ٢٢٠ عن بحور المضارع والرمل والمديد) فإن ذلك بطبيعة الحال لا يعنى من الأمر شيئا، بل هو فى الأكثر يدل على أن الأبيات ذات المصراع الواحد من هذين البحرين كانت أسبق فى التطور إلى أبيات ذات مصراعين وتفاعيل ست من أبيات الرجز ذات المصراع الواحد.
وحتى فى الأمثلة السابقة التى قيل إنها من "مشطور السريع" و "منهوك المنسرح" فإنا تنتهى رغم ذلك كله إلى التساؤل لم لا تكون حقا من الرجز. ثم إن بحر الطويل الذى لم يقل فيه الوأواء إلا مقطوعة واحدة (الديوان، رقم ١٤٣) اجتزأ فيها بأربع تفاعيل دون ثمانية، هو فيما يبدو من بدع هذا الشاعر.
على أن وجود هذه الأبيات ذات المصراع الواحد والأبيات ذات التفاعيل الست جنبا إلى جنب لا يعنى بحال أن مجال الكلام فى تطور شكل الرجز قد فرغ منه. ففى أوائل الدولة العباسية، وليس قبل هذا، نشأ ضربان جديدان، بفعل ما ساور الناس من ملل لكثرة ترديد أبيات رجزية ذات مصراع واحد، أو بفعل مؤثرات خارجية: الأول منهما كان بتقفية المصراعين على قافية واحدة، والثانى، وهو أندر، كان يجعل كل خمسة مصاريع فى المقطوعة على قافية واحدة، وبهذا وجدت المقطوعات ذات البيتين والخمسة. وأطلق على الأولى "المزدوجة"(وقد وجدت فى عهد حمزة الإصفهانى، كما وردت فى كتاب الأغانى)، وأطلق على الثانية "المخمسة" وفى كتاب الأغانى (جـ ١٣، ص ٧٤ فى منتصفها) حديث لأبى نواس ينسب إلى حماد عجرد (المتوفى قبل عام ١٦٧ هـ- ٨٧٣ م) شعراً مزدوجا (فى النص: مزاوج) بيتين بيتين. ويظهر أن هذه الأبيات المزدوجة، ولعلها أول ما قيل فى هذا النوع، قد ضاعت لسوء الحظ. وأقدم ما وصل إلينا من شواهد المزدوجات ما نظمه منها أبو العتاهية وأبو نواس، فنحن نجد فى النسخة المطبوعة لديوان أبى العتاهية (بيروت