والحق أن جولدسهير قد تجاوز القصد بقوله إن الرجز نشأ عن السجع بعد إخضاعه للميزان العروضى metrische")
('Disciplinierung .
وربما كان الأمر كذلكُ، وقد يعترض عليه بأن أى وزن من الأوزان يمكن أن ينشأ عن السجع أيضا لا لشئ إلا لأنه مفتقر إلى الميزان العروضى. ومهما يكن من شئ فإن الرجز لم يقتصر على الحماسة وما يشبهها وقتا طويلا، فقد أصبح يستعمل فى شعر المناسبات كمقطوعة الصيد لطرفة التى أشرنا اليها، وفى وصف الأيام، والرثاء، كما استعمل بصفة خاصة فى المديح والفخر والأمثال الموجزة الحكمية (انظر قصائد الرجز فى حماسة البحترى) على أننا نجد أن للرجز شأنا جد يسير فى هجاء البلغاء فأنت لا تجد مثلا قصيدة واحدة من شعر الرجز فى حماسة أبى تمام فى القسم الخاص بالهجاء، كما أن جريراً والفرزدق لم
يستعملا هذا الوزن الحماسى القديم كثيراً كما كان المرء يتوقع منهما.
ومهما يكن من شئ فإن مجال استعمال الرجز قد اتسع اتساعاً كبيراً بالقياس إلى ما كان عليه فى العصر الجاهلى. بيد أن الراجز ظل يقتصر على أبيات قليلة يغلب عليها الارتجال. وليس من شك فى أن عادة الارتجال فى الرجز هى السبب فى أننا نجد بين
الحين والحين أخطاء نحوية فى هذا الوزن مثل "ثنْتا حَنْظل"(حماسة أبى تمام، ص ٨٠١) أو حذفا شاذا لبعض الكلمة مثل رُبْ (وصحتها رُبْ) فى دواوين الشعراء الستة الجاهلين، ص ١٣٣، قصيدة رقم ٢٨ لامرئ القيس) أو نعثر على "التقاء الساكنين" غير الجائز فى آخر الأبيات التى أوردها لسان العرب (جـ ١١، ص ٣٤٨).
وروى ابن قتيبة (المصدر السابق ص ٣٨٩، وقد نقل عبارته آلفرت قبل ذلك فى Bemerkungen ص ١٩) أن
الأغلب بن جشم شاعر جاهلى إسلامى، وهو أول من شبه الرجز بالقصيد وأطاله. ونجد فى النصف الثانى من القرن الأول الهجرى شاعراً آخر عنى باقتفاء أثر الأغلب، هو العجاج التميمي،