بهذه المنطقة وأخمد بشخصه فتنة أخرى فى قوزان. وفى ديسمبر من السنة نفسها حل محله مدحت، واستدعى جودت إلى الآستانة ليلى أمر وزارة أخرى أيضًا هى وزارة التجارة، ولما صرف الصدر الأعظم خير الدين باشا عن منصبه فى أكتوبر سنة ١٨٧٩ م تولى جودت باشا رئاسة مجلس الوزراء عشرة أيام، ولما تولى الصدارة كوجوك سعيد باشا عين جودت للمرة الرابعة وزيرًا للعدل. وكانت هذه المرة بعدُ هى أطول مرة شغل فيها المنصب إذ قضى جودت فيه ثلاث سنوات وقد أحيل مدحت للمحاكمة فى عهد ولايته لهذه الوزارة، وكان أحمد فيما يظهر قد اتهمه من قبل بممالأة النصارى عن خيانة، على أن الظروف جعلته يتنكب طريقه، ذلك أنه كان فيما سبق رئيسا للقوة التى نيط بها القبض على مدحت وإشخاصه إلى الآستانة، وقد اقتضاه ذلك أن يسافر شخصيًا إلى أزمير فى شأن هذه المهمة.
وانتهت ولايته الرابعة لوزارة العدل فى نوفمبر سنة ١٨٨٢ م بتعيين أحمد وفيق باشا صدر، أعظم ولم يرد إلى منصبه هذا فيليه للمرة الأخيرة إلا فى يونية سنة ١٨٨٦ م، وقد شغله هذه المرة أربع سنوات؛ اختير خلالها أيضًا عضوًا من ثلاثة أعضاء فى المجلس الخاص الذى ألفه السلطان عبد الحميد لمناقشة المشاكل السياسية، كما رأس لحجنة أقيمت لوضع فرمان يشمل شتى التعديلات فى النظم الخاصة بحكم كريت بعد إخماد فتنة سنة ١٩٨٩ م وفى مايو سنة ١٨٩٠ م
استقال من الوزارة للخلافات التى قامت بينه وبين الصدر الأعظم كامل باشا وفى أثناء السنوات الثلاث عشرة الباقية من حياته -وقد قضى تسعا منها معتكفا- صرف جودت جل اهتمامه إلى التأليف بشتى ضروبه بما فى ذلك كتابة المجلدات الأخيرة من تاريخه وتوفى أحمد فى ٢٥ مايو سنة ١٨٩٥ م، بعد مرض قصير فى قصره (يالى) فى ببك.
وقد كشف جودت فى سلوكه وفى أعماله عن مزيج عجيب من التقدمية