الوهاب ثانى الأئمة. فقد طالب جماعة من الحانقين بتحريض من أحد الذين عجزوا عن تولى الامامة أن يحكم الإمام المنتخب بإشراف مجلس دائم. وعرضت هذه البدعة على فقهاء الإباضية بالمشرق فرفضوا رفضا باتا الأخذ بهذا المبدأ. فانفصل دعاة الإصلاح عن بقية الجماعة، وكونوا فرقة النكارية. وحدث خلاف ديني آخر فى إقليم طرابلس بعد وفاة وإلى هذا الإقليم وقيام إمام تاهرت بالبحث فى أمر من يخلفه.
وهددت أزمات أخرى لا تقل خطورة عما ذكرنا سلام تاهرت وأمنها منذ عهد الإمام الرابع. ولكنها كانت تحمل طابع المنافسات العائلية. فقد اكتسب المطالبون بالعرش تأييد المعارضة التى كانت تتألف من عناصر شتى، وكانت ثروة هذا الإقليم وتجارته سببا فى اجتذاب الأجانب إلى تاهرت، بعضهم من فارس موطن أجداد بنى رستم، وبعضهم من جهات مختلفة من بلاد البربر، وبعضهم عرب من إفريقية، وبعضهم من قبائل نفوسة بطرابلس، وبعضهم نصارى من البربر. وكثيرا ما ترددت قبائل زناتة الرحل فى إفريقية والمغرب الأوسط على أسواق هذا الإقليم وأثرت منها. وكان بعض هذه الجماعات المتباينة مثل بربر نفوسة والفرس والنصارى يظهرون على الدوام بمظهر المؤيدين للسلطة القائمة، فى حين نجد أن الأخرين، وهم العرب خاصة والقبائل الرحل عامة، كانوا يجنحون إلى تشجيع الطامحين إلى العرش. وتعرضت هذه الدولة المثلى للفتن يثيرها عليها نزلاؤها وجيرانها.
وكانت أسرة بنى رستم تضم ساسة محنكين مثل الأفلح الذى سار على القاعدة المعروفة "فرق تسد" Divide et
impera فاحتفظ بالسلام. وفى عهده بلغت أسرة بنى رستم أوج سلطانها.
وكان كثير من بنى رستم أئمة من أهل العلم لا يحفلون بمركزهم بصفتهم حكاما قدر احتفالاتهم بتأملاتهم الدينية. هذا إلى جانب اهتمامهم بالدراسات العلمية التى لا تمت للدين بسبب مثل الفلك. وكان تسامحهم العجيب مع الأجانب بل مع المناهضين من هؤلاء للفرقة الإباضية السبب الذى شجع دخول العناصر المشاغبة فى