عام ٢٠٧ هـ (٨٢٢ م) ذلك الاستقبال الرائع الذى استقبل به عبد الرحمن الثانى الأموى وفد تاهرت. وكان يضم ابن الإمام عبد الوهاب. ونحن نعلم أيضا أنّه كان من وزراء هذا الحاكم الأموى وزير من بنى رستم (وهى معلومات زودنا بها ليفى بروفنسال)
وأن الأفلح تلقى فى عام ٢٣٩ (٨٥٣ م) هدية قدرها مائة ألف درهم من محمد الأول الأموى، وقد حدث فى عهد الإمام الأفلح هذا صراع بين بنى رستم وبربر إقليم تلمسان، أنصار أدارسة فاس، وخرجت تاهرت من هذا الصراع منتصرة ظافرة. ونحن نعلم فوق هذا كيف أن دولة تاهرت انهارت عام ٢٩٦ هـ (٩٠٨ م) فى بضعة أيام أمام هجوم بربر كتامة تحت زعامة أبى عبد الله
الداعية الشيعى. وكان القتل مصير كثير من بنى رستم، وحملت رؤوسهم إلى رَقادة وطافوا بها فى شوارع القيروان. أما البقية الباقية فقد نجحوا فى الفرار وبلغوا واحة وركلى، وتقول بعض المصادر أنه كان من بين هؤلاء الإمام يعقوب وولده أبو سليمان.
على أن الحياة الداخلية لدولة بنى رستم أعظم شأنا من صلات هذه الدولة بالدول الأخرى فى الأندلس وبلاد البربر، وهى الحياة التى لم يرد عنها شئ فى المصادر التى تتحدث عادة عن هذه الدولة، غير أننا نستطيع أن نخرج بلمحة عنها مما ذكره
المؤرخون الإباضيون أمثال أبى زكريا.
والإمامة فى دولة بنى رستم، وإن كانت وراثية، كانت تهيمن عليها من الوجهة النظرية أصوات الجماعة الإباضية. وكان الإمام فى نظرهم أصلح الناس وأشرفهم وأعلمهم، وهو الرئيس الزمنى والروحى للدولة ويمتد نفوذه على جماعات الإباضية فى الشرق- وهذا الإمام كان فى واقع الأمر تحت إشراف شيوخ المذاهب: الشراة والمشايف والطلبة، وهم القوام على التعاليم الصارمة التى تقول بها هذه الفرقة الدينية.
وكان من الطبيعى فى حكومة دينية من هذا القبيل أن تتخذ الأزمات التى تصيبها صورة الانقسام الديني. وقد حدث أشد هذه الانقسامات فى عهد عبد