تافيلالت بجنوب مراكش، حيث أنشأ أجداده شرفاء سجلْماسة الحسنيين زاوية مزدهرة، وَاكتسبوا شيئاً فشيئاً نفوذاً سياسياً لا بأس به نما عندما انحلت الأسرة السعدية. وكانت مراكش فى ذلك الوقت غارقة فى الفوضى، واستطاع شرفاء تافيلالت أن يصبحوا بسرعة سادة الأراضي الفسيحة الشبيهة بالسهوب الواقعة إلى الشمال من نطاق الواحات التى تؤلف منطقة نفوذهم. وتلقب مولاى محمد، أكبر أولاد شيخ الزاوية باللقب السلطانى عام ١٠٥٠ هـ (١٦٤٦ م) بعد إنتصاره فى تازروالت (فى الجنوب الغربيّ من مراكش) على مرابط زاوية إيلغ على أبى حسّون الذى كانت له أطماع سياسية خاصة. على أنّه لم يكن قد
أفلح بعد فى القضاء على نفوذ مرابطى زاوية الدلاء فى مراكش الوسطى، فقنع مرغماً بالسيادة الفعلية على مراكش الشرقية وحسب، بعد إن احتل مدينة فاس عام ١٦٥٠ احتلالا لم يدم إلا فترة قصيرة.
فلما توفى مولاى الشريف عام ١٠٦٩ هـ (١٦٥٩ م) هجر ولده مولاى الرشيد زاوية أجداده لأنه كان لا يثق بأخيه مولاى محمد، وذهب إلى زاوية الدلاء المنافسة لها فقابله أهلها فى الظاهر بالترحاب، إلا أنه سرعان ما أوحى إليه بمغادرتها فسار نحو
آزرو، ثم إلى فاس. فلم يسمح له بدخولها لأن الدريدى المغامر والى هذه المدينة اعتبره من الأشخاص غير المرغوب فيهم. وذهب مولاى الرشيد بعد ذلك إلى مراكش الشرقية فلم يلبث أن نجح فى أن يجمع حوله عدداً كبيراً من الأتباع، وخاصة الشيخ اللواتى من قبيلة بنى يزناسن (بنى سناسن) الهامة، وكان هذا الشيخ من أئمة رجال الدين واسع النفوذ مسموع الكلمة.
وهاجم الرشيد فى الوقت نفسه ثرياً من أثرياء اليهود كان يعيش فى جبال يزناسن فى قرية تعرف باسم دار ابن مشعل، وكان بمثابة الحاكم لها، وقتله ثم استولى على ثروته. وقد أثار هذا الحدث خيال أهل ذلك الإقليم، وكان السبب، كما يستفاد من بيان سنيفال C. de Cenival الرائع عن هذا الموضوع،