فى نشأة أسطورة من الأساطير لا تزال ذكراها مائلة فى الاحتفال السنوى الذى يقام عقب اختيار سلطان الطلباء فى فاس. ولم يحصل الرشيد بقتل هذا اليهودى الثرى على موارد مادية هائلة فحسب. بل أتاح له ذلك أيضاً السيادة الحقيقية على أهل البلاد المجاورة. وفى ١٠٧٥ هـ (١٦٦٤ م) انضمت إلى سلطانه قبيلة أنكاد الكبيرة، واستقر فى وجدة واستتب له الأمر فيها. وما إن
وصلت أخبار تنصيب الرشيد لأخيه مولاى محمد حتى انزعج محمد لذلك أشد الانزعاج، وأسرع من تافيلالت إلى مراكش الشرقية، والتقت جنوده بجنود الرشيد، غير أن مولاى محمد خر صريعاً فى بداية القتال، ومن ثم انضمت جنوده إلى الرشيد الذى كتبت له السلامة. وهكذا انتقل مولاى الرشيد من نصر إلى نصر. وسرعان ما استولى الرشيد من بعد على تازا من غير أن
يلقى فى ذلك عناءً فهدد فاس تهديداً مباشراً، على أنّه صرف همه أولا إلى توطيد سلطانه فى تافيلالت مهد أسرته، وضم إلى أملاكه جبال الريف على شواطئ البحر المتوسط، وكان يحكمها وقتذاك مغامر يدعى أبا محمد عبد الله أعراص. وكان هذا الشيخ قد اتفق أولا مع الإنكليز، ثم مع الفرنسيين على إقامة محلات تجارية على خليج الخزامى Albucemas بالريف (وقد حِّرف فى وثائق ذلك العهد إلى ألبوزيم (Albouzeme . وقد انتزع مولاى الرشيد منه الريف فى شهر مارس عام ١٦٦٦.
فى الوقت الذى أخذ فيه رولان فريجوس Roland Frejus من أهل مارسيليا ينزل إلى الشاطئ المراكشى بعد أن حصل من ملك فرنسا على امتياز المتاجرة مع الريف، وذهب فريجوس هذا لمقابلة مولاى الرشيد فى تازا، ولكن سرعان ما خابت مساعيه فى الدخول فى مفاوضات مع هذا الشيخ.
وبادر الرشيد إلى توجيه اهتمامه إلى فاس حاضرة مراكش الشمالية.
وكانت لا تزال تقاوم سلطانه. فحاصرها واستولى عليها عنوة فى الثالث من ذى الحجة عام ١٠٧٦ (٦ يونية سنة ١٦٦٦) وركن واليها الدريدى إلى الفرار. واتخذ الرشيد إجراءات صارمة لمعاقبة بعض أعيان المدينة، وبايعه أهلها