٥٤٠ - ٥٦٣؛ ج ٥٣، ص ٥١ - ٦٧)، وكان نضاله هذا ضد المذاهب التى سادت طويلًا قبل ذلك. ولكنه خرج بعمله هذا على مقتضيات الإجماع عند أهل السنة فاضطهد، وخسر المذهب الحنبلى بسقوطه خسارة عظمى. وظل يمثل المذاهب الأربعة رسميًا -ومنها المذهب الحنبلى- قضاة فى كل الأمصار الإسلامية حتى قيام الدولة العثمانية؛ فلما امتد سلطان هذه الدولة أصابت المذهب الحنبلى ضربة قاضية، وأخذ هذا المذهب منذ ذلك الوقت يتضاءل شيئًا فشيئًا، ولو أنه كان يعتبر عنصرًا هامًا من عناصر مذهب أهل السنة فى البقاع المتفرقة التى ظهر فيها. ويمثل هذا المذهب فى الجامع الأزهر عدد يسير من الشيوخ والطلاب (رواق الحنابلة). وفى عام ١٩٠٦ م - حين كان عدد شيوخ الأزهر ٣١٢ شيخًا وعدد طلابه ٩٠٦٩ - كان يمثل المذهب الحنبلى منهم ثلاثة شيوخ وثمانية وعشرون طالبًا. على أن المذهب الحنبلى ظهر فى القرن الثامن عشر الميلادى فى صورة جديدة قوية بظهور الوهابيين الذين نتبين فى مذهبهم أثر تعاليم ابن تيمية.
وفيما يلى أهم شيوخ الحنابلة الذين ظهروا فى العصور المتعاقبة: أبو القاسم عمر الخَرَقى المتوفى عام ٣٣٤ هـ (٩٤٥ - ٩٤٦ م) الذى لا يزال يوجد إلى اليوم مختصره فى الفقه الحنبلى؛ وعبد العزيز بن جعفر (٢٨٢ - ٣٦٣ هـ = ٨٩٥، ٨٩٦ - ٩٧٣، ٩٧٤ م) الذى ظل كتابه "المقنع" قرونًا عديدة أساسا للمختصرات والشروح (طبع بعنوان "الروض المرتع فى شرح زاد المستقنع"، دمشق سنة ١٣٠٣ هـ؛ انظر مجلة المشرق، ج ٤، ص ٨٧٩)؛ وأبو الوفاء على بن عقيل المتوفى عام ٥١٥ هـ (١١٢٢ - ١١٢١ م) الذى اشتهر بأنه صاحب مدرسة منتجة؛ وعبد القادر الجيلى (٤٧١ - ١٥٦ هـ - ١٠٧٨ - ١١٦٦ م) الذى كان صوفيًا كبيرًا، ونصيرًا، مخلصًا من أنصار ابن حنبل" وأبو الفرج بن الجوزى (٥٠٨ - ٥٩٧ هـ - ١١١٤ - ١١١٥ - ١٢٠٠ م)؛ وعبد الغنى الجماعيلى المتوفى عام ٦٠٠ هـ (١٢٠٣ - ١٢٠٤ م)؛ وموفق الدين بن قدامة المتوفى عام ٦٢٠ هـ