ولعل الهنود والأندونيسيين كانوا من بين هذه الشعوب؛ وقد يكون السواحلى اليوم إفريقيا خالصًا لا تشوب دماءه شائبة من دم عربى أو دم آخر نقيل وليس السواحليون، بحسب ما نتوقع من الظروف التى تقدم بنا وصفها، جنسا صفاته الجسمانية واحدة، وإنما هم يشتركون كلهم تقريبًا، فى سمات إفريقية واضحة، اللهم إلا فئة من العرب الخُلصْ. وقد تجد فى الأسرة الواحدة تتمثل فيهم درجات اللون المختلفة، على حين نجد بعضهم مفلفل الشعر وبعضهم مموجه وبعضهم مستقيمه. والظاهر أن وصف برتون (Burton، ص ٤١٤ وما بعدها) فيه شئ من التصوير الفكاهى، ويصدق هذا أكثر وأكثر على وصفه خلقهم، وإنما كان برتون ينحو فى نظرته إلى كل ما هو إفريقى منحى المغرض المتحيز (انظر Ingrains، الفصل ٤٧)؛ وكل السواحليين، فيما خلا فئة قليلة لا يعتد بها (إذ المرتدون منهم إلى الدين المسيحى قليلون جدًا)، مسلمون صادقو الإسلام من أهل السنة على مذهب الشافعية. أما العرب فكلهم أو جلهم من الإباضية (Ingrams، ص ١٨٨ - ١٩٣ و ٤٣٤)، بيد أن مذهب حيوية المادة ينتشر انتشارًا كبيرًا بين أولئك الذين أصابوا حظًا قليلا من الثقافة، وهذا هو شأنه فى غير ذلك من البلاد. ففى ممباسا تنذر النذور وتقدم القرابين إلى قبر ولى يعرف باسم "شهه جندنى". والغالب أنهم يفعلون ذلك استجلابًا للأذى على عدوهم، ويعدّد Ingrams (ص ٤٣٥ وما بعدها) خرافات شتى وأعمال سحر متباينة مع إشارات (ص ٥٠١ و ٥٠٥) إلى خوارق (ويبدو أنه استقى روايته من مصدر موثوق به)، لم تعلل قط تعليلا مقبولا.
واللغة السواحلية، كما تقدم بنا القول، إفريقية التركيب فى جوهرها، أو قل هى بانتوية بصفة خاصة، على أنه لا يمكن الزعم بأنها تقوم فى أساسها على أية لغة بذاتها من لغات البانتو، ولعل بوكومو وادى تانا هى القبيلة التى اتصل بها مستعمرو بيت ولامو الأولون أكبر اتصال، ومن المحقق أن أثر لغتهم فى اللهجة اللاموية من اللغة السواحلية لا يخطئه أحد. ونحن لو