أخذنا الأمور بالظاهر لبدا لنا أنها كانت دون القبائل البانتوية اللغة، القبيلة الوحيدة التى كانت فى متناول مستعمرات العرب الشمالية حتى القرن السادس عشر، وعندئذ انتقلت قبائل "النيكا" فى روايتهم ميممة شطر الجنوب الغربى قادمة من "شنكوايا"، ولكن ليس ثمة دليل على أن هذا الموضع (وهو الآن داخل فى الصومال الإيطالى) كان موطنهم الأصلى. وليس من سبب يدعونا إلى الشك فى أنه سبقت هذه الهجرة هجرات من الجنوب أو الغرب لم يدون خبرها. ويزعم إنكرامز Ingrams (ص ٦٤) أن الأهالى الذين ورد ذكرهم فى كتاب "الرحلة" Periplus لا يمكن أن يكونوا من البانتو، بيد أن قوله هذا يصعب أن يكون هو القول الفصل. ويجب الا يغرب عن بالنا ضمنًا أن "البانتو" ليس اسمًا لشعب كما أن "الأمم التى تتكلم بالانكليزية" ليست شعبًا بذاته.
ويمكن أن نجمل السمات العامة للغات البانتو فيما يلى: قيامها فى بنائها على التراكيب المندمجة، والقاعدة المتبعة فى أنواع الاسم فيها، وانعدام الجنس فى نحوها. وقد لحق أنواع الاسم فى لغة السواحلى تهذيب كبير يدل على أنها مرت بمرحلة طويلة من التطور، كما يدل على أنها تأثرت تأثرًا عظيمًا باتصالها بغيرها من اللغات الأجنبية. ومما يثير الدهشة أن الصور الصوتية نادرة فيها إلى حد ما (Lautbilder)، وهى خاصية ملحوظة جدًا فى لغات الزولو والنيانجا واليآو مثلا، وكذلك فإن نشوء الجملة الاسمية مما يثير الدهشة أيضًا. وتلك حجر عثرة فى سبيل الطلبة الأوربيين ولا وجود لها فى صور الحديث الأكثر بدائية فى لغة البانتو. ومن الواضح أن الكلمات العربية هى أكثر الكلمات الدخيلة فى مفردات اللغة السواحلية، وكان شأنها فى هذه اللغة شأن اللاتينية فى اللغات التيوتونية وخاصة الإنجليزية. وكثير من هذه المفردات، كما هو منتظر، مصطلحات فى الدين وشعائره مثل: دوا وكوسالى ("كو" هى البادئة التى تدخل على المصدر) وكوسوجودو، وإمامو، وكتبا إلى آخره؛ أما استعمال كلمات من أمثال سلطانى وأميرى ودله فمن الواضح أنه قد ألجات إليها