للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الأخلاقية مخالف للمرجئة، ويحمل إلى ذلك طابعًا من التشدد فى الدين يرفض التصوف، ولذلك فالطرق الصوفية ممنوعة فى الدولة الزيدية. أما فيما يتعلق بمسائل العبادات فإن مذهب الزيدية هذا يشترك مع بقية الشيعة فى مميزات معينة انفردوا بها بوصفهم فرقة من الفرق: من ذلك قولهم فى الأذان: "حىّ على خير العمل"؛ والتكبير خمس مرات فى صلاة الجنازة؛ ورفض المسح على الخفين؛ ورفض الصلاة خلف الفاجر؛ وعدم أكل ذبائح غير المسلمين. وهم فيما يتعلق بأحكام الزواج يحرمون الزواج من غيرهم، ولا يجيزون على كل حال زواج المتعة.

ولما كان خصوم الزيدية يكادون جميعًا يكونون من المسلمين، فإن الزيدية يقولون من الناحية النظرية بطبيعة الحال، بوجوب محاربة البغاة الذين يخرجون على الإمام؛ على أنه كان هناك فوق ذلك خلاف فى العقيدة بين المعتزلة وأهل السنة، ومن ثم فإن الزيدية كثيرًا ما سموا أنفسهم "المؤمنين" بإطلاق المعنى، فى مقابل مخالفيهم، كما أنهم لم يترددوا فى تسمية حروبهم جهادًا هى وما يترتب عليها من نتائج تتعلق بقوانين الحرب. ونظرًا لتفرقهم من أول الأمر فإنهم اختلفوا أشد الخلاف فى المسائل الشرعية، وهذا الخلاف على كل حال لا يميز الفرقة من حيث هى. وقد دون المتأخرون هذه الآراء المتباينة من غير اتهام لأصحابها وفرحوا باعتبارها من جملة اختلاف الفقهاء. وهنا نجد أفرادًا من الزيدية يوافقون أفرادًا من أهل السنة فى مخالفة أفراد آخرين من الزيدية ومن أهل السنة، بحيث أصبح مذهب الزيدية فى الفقه بمثابة مذهب خامس إلى جانب المذاهب الأربعة. وقد صور لنا أبو الحسن عبد اللَّه بن مفتاح الزيدى ذلك تصويرا واضحًا ملموسا


= بالعلم النبوى، كما كانوا يعولون على علم مكتوم يأخذه بعضهم عن بعض، ومنه ما هو تنبؤ بمصيرهم. وأخص ما ينسب دلك إلى جعفر الصادق رضى اللَّه عنه. وأئمة الرافضة، وهى إحدى فرق الزيدية، قالوا بالبداء، يعنى أن اللَّه قد يبدو له فيغفر ما يريد -وهذه نظرية باطلة- كما أنهم كانوا فيما يقولون ويفعلون يتعللون بالتقية، أى بضرورة المداراة -راجع مثلا كتاب الملل للشهرستانى، طبعة القاهرة ١٣٤٧ هـ، جـ ١، ص ١٢٠، ١٥٢، ١٢٤، ١٦٦؛ جـ ٢، ص ٢.
[المترجم].