بأن جعل اسم كتابه "المنتزع المختار من الغيث المدرار"(الجزء الأول، طبعة القاهرة ١٣٢٨ هـ). ولابد بطبيعة الحال أن تكون الآراء قد اتحدت فى الدولة الزيدية الحالية اتحادًا كبيرًا؛ وقد جاء هذا الاتحاد من أن كتابين أصبحا فيها أساسًا للتعليم الرسمى، وهما: كتاب "الأزهار فى فقه الأئمة الأطهار"(راجع كتاب تاريخ المؤلفات العربية لبروكلمان جـ ٢، ص ١٧٨، ص ١٢٩) تأليف أحمد ابن يحيى المرتضى وكتاب "الروض النضير".
وأهم الشروط التى يجب أن تتحقق فى الإمام هى:(أ) أن يكون من أهل البيت، دون تمييز بين أبناء الحسن وأبناء الحسين، ومعنى هذا أنه لا يخلف إمامًا بالوراثة، (ب) وأن يكون قادرًا على الخروج بنفسه للقتال بسيفه وقادرا على الدفاع، بحيث لا يلى الإمامة صبى ولا مهدى غائب، وأن يكون على ما يقتضيه منصب الإمامة من العلم: وقد أخذ الزيدية ذلك مأخذ الجد بدليل تلك الكثرة الهائلة من الكتب التى ألفها أئمة الزيدية فى جميع القرون. ولم يكن من الميسور والحالة هذه أن تنشأ تقاليد مما تتميز به الأسر المالكة. وكان النجاح الشخصى هو العامل الحاسم فى الوصول إلى الإمامة، ولذلك لم تقم سلسلة متصلة من الأئمة، بل يسلم الزيدية على نحو يتفق ومنطق الواقع بأنه يمكن أن يكون "زمان بلا إمام"، وأكثر من هذا أيضًا أنهم يسلمون بإمكان وجود "أئمة كثيرين فى زمان واحد"(١)، ومعنى هذا، من الناحية العلمية، أنه كثيرًا ما يظهر
(١) كان الزيدية يجوزون أن يكون كل فاطمى عالم زاهد شجاع سخى خرج بالامامة (أى خرج شاهرًا سيفه)، إماما واجب الطاعة، سواء كان من أولاد الحسن أو من أولاد الحسين. . وجوزوا خروج إمامين من قطرين يستجمعان هذه الخصال ويكون كل واحد منهما واجب الطاعة؛ وهذا هو مذهب زيد بن على الذى تنسب إليه فرقة الزيدية. كان زيد يرى أيضًا جواز إمامة المفضول مع قيام من هو أفضل منه، إذا اقتضت ذلك مصلحة دينية، كتسكين ثائرة الفتنة، مثل تفويض الإمامة لأبي بكر بسبب لينه وسبقه فى الإسلام وتقدمه بالسن، وذلك دون على رضى اللَّه عنه لما كان فى القلوب منه بسبب شدة بلائه فى الإسلام، ودون عمر رضى اللَّه عنه، لأنه كان فظا شديدًا. وكان زيد يرى أنه يجوز أن يكون المفضول إماما ومن هو أفضل منه قائما، فيرجع إليه فى الأحكام =