للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إمام معارض لآخر. فإذا استطاع هذا الإمام الجديد أن يقصى سلفه عن الإمامة فإن خلع الإمام المغلوب أو نزوله عن الإمامة يعتبر عند ذلك أمرًا مشروعًا تمامًا وهذا من علامات الاعتراف بالواقع من غير تعنت. ولكن إذا انقلب الوضع استطاع الإمام المغلوب أن يعود إلى الإمامة. وعدم تحقق كل شروط الإمامة يمنع من الاعتراف للإمام بالإمامة الكاملة؛ وعند ذلك لا يكون هناك سوى أئمة فى الحرب أو فى العلم. أما الرؤساء الذين لا تتعدى مقدرتهم المحافظة على حياة الدعوة الزيدية فإن الواحد منهم يسمى "داعيًا" أو "محتسبًا" أو "مقتصدًا" أو نحو ذلك. ثم إن الشك فى: من هو الذى يستحق أن يكون إمامًا حقيقة يتجلى عند الزيدية بالنسبة لمن ادعى الإمامة من العلويين فاختارهم الزيدية بعد أن صار لهم دولة فيما بعد، وذلك بغية المحافظة على الصلة بالشيعة الأولين. ونجد فى أول قائمة وصلت إلينا مشتملة على بيان الأئمة، وهى لمؤسس الدولة الزيدية فى اليمن، أن هؤلاء الأئمة على هذا الترتيب: (١) على، (٢) الحسن، (٣) الحسين، وبعد ذلك، (٤) زيد بن


= والقضايا. وهذا هو السبب فى رفض شيعة الكوفة لزيد بن على لما خرج بالامامة، ولذلك سموا "الرافضة"؛ ولكن أكثر الزيدية رفضوا فيما بعد رأى زيد بن على فى جواز إمامة المفضول، كما أن بعض الزيدية (وهم السليمانية) كانوا يرون أن الإمامة شورى بين المسلمين. ويظهر أن الصالحية من فرق الزيدية قد بالغوا فى فهم رأى زيد بن على، فرأوا جواز إمامة المفضول ما دام من هو أفضل منه راضيا بذلك، ومنهم من غلا حتى جوز أن يوجد إمامان فى قطرين ويكون كل منهما مصيبا فى حكمه واجب الطاعة فى قومه حتى لو أفتى بخلاف ما يفتى به الآخر إلى حد استحلال دم الآخر، كما جوزوا أن يقتتل الإمامان المتساويان فى الفضل والزهد والحزم ومتانة الرأى فتكون الإمامة للمتغلب منهما. على أن بعض المعتزلة (مثل جعفر بن حرب وجعفر بن مبشر) كان يرى أن الإمامة مسألة مصلحية من مصالح الدين، فهى لا تحتاج إلى العلم النظرى بقدر ما تحتاج إلى توفر الحزم والرأى المتين والبصر بالحوادث، وهذا هو الذى يكفل تنفيذ القانون الشرعى وإلزام الجماعة حدود النظام وحماية الدين من أعدائه، ولذلك يجوز أن تكون للمفضول من ناحية العلم، ولكن يجب على هذا المفضول أن يستعين بأهل العلم والاجتهاد والرأى -راجع الشهرستانى، جـ ١، ص ١٥٩ - ١٦١؛ جـ ٢، ص ٢.
[المترجم].