بيت الهادى، بعد أن استطاع أن يحتفظ بالإمامة سبع سنين فى الأهنوم.
وفى آخر تلك السنة بدأ المنصور القاسم بن محمد، وكان من بيت الهادى أيضًا، عهدًا جديدًا فى تاريخ الزيدية، وذلك أنه نادى بالحرب وأفلح فى قتاله إلى أن توفى (١٠٢٩ هـ = ١٦٢٠ م). وفى عهد ابنه المؤيد محمد المتوفى سنة ١٠٥٤ هـ (١٦٤٤ م) انسحب العثمانيون من اليمن سنة ١٠٤٥ هـ (١٦٣٥ م) ومنذ ذلك الزمان كان الأئمة فى الجملة من بيت القاسم هذا، برغم أنه كان لا يزال بعد قرون أئمة ينتمون إلى بيوت زيدية قديمة أصيلة، وكان ذلك لا يتم بطبيعة الحال إلا بفتن كثيرة كانت تضرب القبائل العربية فى أثنائها بعضها ببعض. فمثلا ينسب موت المؤيد محمد بن إسماعيل بن القاسم (١٠٩٧ هـ = ١٦٠٦ م) إلى عشيرته الأقربين، ذلك أنهم دسوا له السم، ثم استتب النظام إلى حد كبير فى عهد المهدى عباس بن المنصور الحسين المتوفى سنة ١١٨٩ هـ (١٧٧٥ م)، ولا تزال مدينة صنعاء تشهد إلى اليوم بما أقامه فيها من أبنية.
وبرغم أن ابنه المنصور على المتوفى سنة ١٢٢٤ هـ (١٨٠٩ م) لم يكن كفؤًا، وفى عهده توغل الوهابيون حتى بلغوا تهامة، فإن حفيده المتوكل أحمد استطاع أن يعيد النظام إلى نصابه فى مدينة صنعاء، وأن ينشئ خزانة للمال ودارًا للكتب. وفى خلال ذلك وقعت تهامة فى أيدى أشراف مكة. أما حفيده المنصور على بن المهدى عبد اللَّه الذى تولى الإمامة منذ سنة ١٢٥١ هـ (١٨٣٥ م) فهو يوصف، حتى عند الزيدية أنفسهم، وصفًا قبيحًا شبيهًا بما رآه كروتيندون (C.J. Cruttendon) من أحوال هذا السكير (راجع J.R.G.S. المجلد ٨، جـ ٨، ١٨٣٨ م، ص ٢٨٤) ثم جاء حفيده محمد بن يحيى، ومع أنه لم يكن مجردًا من الكفاية بأية حال، فإنه اضطر بسبب منازعة إمام منافس له أن يرتكب وزرا خطيرا، ذلك أنه استنجد بالترك من تهامة، فجاءوا ودخلوا صنعاء سنة ١٢٦٤ هـ (١٨٤٧ م)، ولكن الشعب ثار وطردهم منها. ثم جاءت فتن القبائل وغزوات القرامطة فزادت الانحلال العام فى الدولة، وعند ذلك اتحد ثلاثة أئمة معزولين، وكانوا فى الأصل متعادين،