وتضافروا على الإمام المتوكل محسن ابن أحمد وأسلموا صنعاء للترك مرة أخرى فى ١٦ صفر ١٢٨٩ هـ (٢٥ أبريل سنة ١٨٧٢ م) ولكن بينما كان محمد بن الإمام محسن يسعى إلى تولى الإمامة بموافقة الترك وبمال من أيديهم، كان فى الأهنوم وصعدة الهادى شرف الدين محمد الحسينى، من أبناء يحيى بن حمزة الآنف الذكر ومن رجال القرن الثامن الهجرى (الرابع عشر الميلادى) إمامًا مستقلا من سنة ١٢٩٦ هـ إلى ١٣٠٧ هـ (١٨٧٩ - ١٨٩٠ م)، ثم كافح المنصور محمد بن يحيى حميد الدين بأن شن حروبًا كثيرة بدأها من صعدة والأهنوم، كما قام أيضا بمفاوضات دبلوماسية مع الترك لكى يحصل على سائر بلاد اليمن ويحافظ على مبادئ الزيدية وينظم الحياة طبقًا لرأيهم فى الشريعة، ثم ظهر ابنه المتوكل يحيى بهمة أقوى فى ٢٠ ربيع الأول سنة ١٣٢٢ هـ (٤ يونية ١٩٠٤)، وعند ذلك زحفت القبائل التى أهاب بها إلى الحرب على حصون الترك، فسلمت إليه صنعاء سنة ١٩٠٤ م، ولم ينتهز يحيى فرصة المتاعب التى وقعت فيها تركية بعد حرب طرابلس، ولكنه استطاع أن يدخل صنعاء فى صفر سنة ١٣٣٧ هـ (نوفمبر ١٩١٨ م). وفى سنة ١٣٤١ هـ (١٩٢٣ م) استأنف الحرب مع الأدارسة، أمراء العسير، لكى يسترد تهامة، وقد أفلح فى ذلك، وكانت محمية عدن مجاورة لبلاده، ومن ثم دخل هذا الملك الجديد على اليمن، وهو الإمام الزيدى وأمير المؤمنين، فى ميدان السياسة العالمية الواسع. كانت آخر محاولاته للتوسع موجهة إلى قرامطة نجران، كما كان أول ضحاياه داعى القرامطة أثناء النزاع بينهما على المناخة. وإمامة الإمام الحالى يحيى تذكرنا بهذه الحروب وبأشياء كثيرة، منها أن النغمة الزيدية الصحيحة التى اتسم بها ما أصدره من بلاغات تذكرنا بإمامة الإمام الأول يحيى الهادى، وهو يعد من ذريته فى الجيل السادس والعشرين -وهذا ربما يفيد أيضًا فى تفسير نظرية الإمامة- ولكن لو أحصى الأئمة الذين خرجوا على الإمام، أو الأئمة الذين لم تعترف الجماعة كلها بإمامتهم، لكان هو الإمام المائة فى