فترات ساد فيها السلام، حتى انتهى حكم هذه الأسرة أو كاد. وحاول الساسانيون الأولون مد رقعة دولتهم، ولم تجد رومة فى هذا العهد المبكر بدا من الدفاع عن ممتلكاتها الشرقية. وكانت أرمينية موضع نزاع له شأنه بين الطرفين، ذلك أنه كان يحكمها فرع من الأشكانية اتخذوا المسيحية دينًا لهم منذ عهد مبكر جدًا، ونهجوا فى سياستهم منهج الرومان، وعقدت معاهدة لتقسيم أرمينية حوالى عام ٣٨٧، ثم أصبحت المسيحية الدين الرسمى فى الدولة الرومانية الشرقية، فدخل بذلك عامل جديد فى العلاقات السياسية بينها وبين الفرس، إذ ساعدت اضطهادات بعض الملوك (مثل شابور الثانى وبهرام الخامس ويزدجرد الثانى) للكنيسة على توسيع شقة الخلاف بين الدولتين. وتناولت الكتب الحديثة فى تاريخ الرومان والبوزنطيين من كيبون Gibbon حتى سيك Seeck وبورى Bury أخبار هذه الحروب كثيرًا، ولا يتسع المقام هنا لذكر تفصيلاتها (انظر أيضا التراجم التى ظهرت حتى الآن فى Pauly Wis Realenzyklopadie der Klass. Al-tertwnswissenschaft: sowa عن الملوك من أردشير الأول إلى أردشير الثالث ومن شابور الأول إلى شابور الثالث، ويزدجرد الأول ويزدجرد الثانى)؛ وأشهر هذه الحروب هى التى كانت بين أردشير الأول ويفيروس إسكندر، وبين شابور الثانى وجوليان، وقد كلل فيها هجوم الرومان أول الأمر بالنجاح؛ ثم الحرب التى شنها قباذ الأول على أناستاسياس الأول، والحرب التى شنها خسرو الأول على يوستنيانوس، وقد انتهت هذه الحرب الأخيرة عام ٥٦٢ بمعاهدة أقامت دعائم الصلح خمسين عامًا.
ونال المسيحيون فى دولة الفرس الحرية الدينية آنئذ، ولكن سرعان ما استأنفت حكومة فارس اضطهادها للأرمن المسيحيين، وأخذ الإمبراطور يوستن الثانى بعد ذلك يضيق ذرعًا بالحدود المضروبة بين الدولتين، وطلب بعض المطالب من خسرو فنشبت بينهما الحرب مرة أخرى، وكانت هذه الحرب بداية آخر مرحلة من مراحل هذه الحروب؛ ولم يكتب الفوز لخسرو الأول