للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فى القتال الذى نشب، كما أن النصر حالف الجيوش الرومانية أيضًا فى عهد هرمزد الرابع، وانتهز القائد الفارسى بهرام جويين الفرصة، فانتقض على هرمزد، وكان الملك قد أهانه، ذلك أن بهرام كان يطمع هو نفسه فى العرش وقتل هرمزد اثنان من أقاربه خاول هذه الفتن، على أن ابنه خسرو (١) أفلح فى الهرب إلى الأراضى البوزنطية حيث استنجد بالإمبراطور موريس، وتخلص خسرو من المغتصب بمعاونة البوزنطيين، إلا أنه لم يكن ثمة أمل فى أن يقوم صلح دائم مع بوزنطة فى عهد خسرو الثانى، ذلك أن هذا الملك أخذ على عاتقه الانتقام لمصرع الإمبراطور موريس، وكان فوكاس قد أنزله عن العرش وقتله عام ٦٠٢. وفى هذه الحرب التى كانت آخر حرب كبرى نشبت بين الفرس والبوزنطيين، فاز الفرس أول الأمر فوزًا عظيما، وغزت جيوش خسرو أورشليم بل فتحت مصر؛ وظهر رد الفعل فى عهد هرقل، ذلك أن قباذ الثانى، وكان قد قتل أباه خسرو وجرده من عرشه، اضطر إلى أن يلتمس الصلح من الإمبراطور، ومات بموت خسرو الثانى آخر ملك له شأن فى بيت الساسانيين؛ وبدأ قباذ الثانى سلسلة من الملوك لم يحكموا إلا قليلًا (ومنهم مغتصب للعرش هو شهروراز وملكتان هما بوران وأزرميدُخْت) وقد رفعهم النبلاء إلى العرش واحدًا بعد واحد، على أنهم كانوا يتوارون سريعًا، حتى اعتلى العرش عام ٦٣٢ حفيد من أحفاد خسرو الثانى هو يزدجرد الثالث، وبدا أول الأمر أن البلاد سوف يعود إليها ما فقدته من أسباب الاستقرار، بيد أن يزدجرد الثالث كان آخر الملوك الساسانيين الذين حكموا فارس.

ولم تكن الحروب مع رومة وبوزنطة هى وحدها التى هددت الدولة الفارسية، بل إن الشعوب الأقل منهما تمدينًا كالخيونيين والكيلانيين (ولم يجد شابور الثانى بدا من قتالهم) والهياطلة (وقد هزمهم بهرام الخامس) كانوا يهددون باستمرار كيان هذه


(١) هو الذى يعرف فى التاريخ باسم خسرو برويز وهو الملك الذى أرسل إليه الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- خطابا فمزقه فدعا عليه أن يمزق اللَّه ملكه، وقد استجيبت الدعوة.
(عبد النعيم حسنين)