الدولة. وقد لقى الملك فيروز حتفه فى قتاله غير الموفق مع الهياطلة. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، ذلك أن فارس بعد هذه الموقعة ظلت تدفع الجزية زمنًا للهياطلة؛ وحوالى منتصف القرن السادس الميلادى زال خطر الهياطلة وحل محلهم الترك. على أن هؤلاء القوم الرحل من أهل الشمال لم يكونوا هم الذين قضوا على الدولة الساسانية بل العرب، فقد استقر العرب، حتى قبل قيام البيت الساسانى، على ضفاف دجلة والفرات، وكانت كل من بوزنطة وفارس تستعين بالعرب فى الحروب التى نشبت بينهما؛ والظاهر أن شابور الأول كان أول ملك تقاتل مع العرب، وقد سجلت الأخبار أنه شن حربًا على الحضْر؛ ولا شك فى أنه كان يحكم هذه المنطقة ملك آرامى. على أن هذه الرواية امتزجت برواية أخرى تقول إن شابور الأول أنفذ حملة على قضاعة، وكانت الرواية الأولى قد هولت فيها الأساطير بالفعل. ولا أدل على اضطراب هذه الأقوال من أن ابن قتيبة (كتاب المعارف، ص ٣٢٢؛ انظر Eutychius طبعة Cheikho، جـ ١، ص ١٠٦) يقول إن الحرب مع الحضر كانت فى عهد أردشير مناقضًا بذلك الرواية الفارسية العربية المتواترة، ومع ذلك فإن من الحقائق التاريخية أن أردشير حاصر الحضر (دون جدوى؛ انظر Dio Cassius ص ٨٠، س ٣)؛ ثم يأتى الفردوسى آخر الأمر فيروى رواية مختلفة عن الحادث كله فيجعله أيام شابور الثانى (Macan, ص ١٤٣٢ إلخ)، أما أن هرمزد الثانى قد أوقع الهزيمة بالعرب فأمر مشكوك فيه كل الشك (Noldeke، المصدر نفسه، ص ٥١، التعليق ٢) وتروى المصادر الشرقية أن شابور الثانى كان عدو العرب اللدود، على أن قصة توغله حتى بلغ اليمامة وظاهر المدينة وتلقيبه بذى الأكتاف لسوء معاملته لأسراه تعد بدعة من بدع الأساطير؛ وكان ملوك الحيرة العرب، ونعنى بهم اللخميين، من أقيال الساسانيين، وكانت عداوتهم للغساسنة الذين كانوا فى خدمة الرومان عاملا له شأنه كما حدث فى حروب خسرو الأول مع بوزنطة؛ وكان لهؤلاء اللخميين أيضًا شأن فى أمور البيت الساسانى المالك قبل ذلك التاريخ. والراجح أن بهرام الخامس الذى أمسك