عن مبايعته بعض النبلاء فى أول الأمر، قد تغلب على منافس له مستعينًا فى ذلك بالنعمان ملك الحيرة وغيره، بل إن خسرو الأول تدخل فى المنازعات التى نشبت فى داخل جزيرة العرب، ذلك أنه آزر حوالى عام ٥٧٠ سيف بن ذى يزن المطالب بعرش اليمن فأمده بجيش فارسى لقتال الأحباش؛ وفى رواية عربية أن ملك الحيرة هذا شد من أزر خسرو الثانى وهو يولى الأدبار أمام بهرام جوبين. على أن خسرو ما إن ثبت على عرشه حتى أمر بالقبض على الملك اللخمى وقتله؛ ولا تذكر هذه الرواية سببًا صحيحًا لهذه الفعلة الجافية ويقال إن النعمان صاحب الحيرة رفض أن ينزل لخسرو عن جواده ساعة هربه، وفى رواية أخرى أن السبب فى سقوطه يرجع إلى دسائس حاكها عدو له؛ وأخذ ملك فارس ينصّب الولاة على الحيرة، وسرعان ما تبين من الهزيمة الهينة التى أوقعها بنو بكر يوم ذى قار بجيش من جيوش خسرو كان قوامه الفرس والعرب، ما انطوى عليه القضاء على البيت الحاكم فى الحيرة من قلة التبصر والفطنة. ذلك أن هذا البيت كان يقف سدًا منيعًا فى وجه عرب الصحراء؛ ويصح لنا فى هذا المقام أن نتساءل: ألم يكن اللخميون، لو أبقى عليهم الساسانيون، أهلا لصد تيار الفتح العربى الجائح الذى أطاح بعد ذلك بدولة بنى ساسان؟ وقد شرع الخليفة أبو بكر ينفذ الجيوش إلى العراق منذ تاريخ مبكر يرجع إلى سنة ٦٣٣ م، وبدأت سلسلة من الهجمات على مملكة الفرس (وقعة السلاسل ووقعتا وَلَجة وأُلَيْس وإخضاع الحيرة إلخ) وانتهت بوقعة القادسية (لعلها استمرت حتى سنة ٦٣٦) وقضت قضاء مبرمًا على الجيوش الفارسية الشاهانية القضاء المبرم. على أن إخضاع فارس إخضاعًا تامًا إنما يرجع إلى هزيمة الفرس فى نهاوند (٦٤٢ م)؛ فقد هرب يزدجرد الثالث، ولكنه لم يستطع أن يحصل على معونة جيرانه على الرغم من كل الجهود التى بذلها؛ وقد عمل أحد النبلاء على اغتياله بالقرب من مرو عام ٦٥١ م.
وكانت دولة الساسانيين دولة إقطاعية؛ ذلك أن الأسر القوية التى كان