وقد ورد فى ديوانه ذكر القديس سرجون والصليب والرهبان والدعوات النصرانية؛ ويقابل هذا بعض العبارات الإسلامية الشائعة التى تدلنا على أثر البيئة الإسلامية فيه (الديوان، ص ١، ٧٨، ١١٩، ١٨٤، ٢٠٤؛ ديوانه طبعة سنة ١٩٠٥، ص ١٧١، س ٦؛ الأغانى ج ٧، ص ١٧٣). وكان يظهر بين الناس وفى عنقه صليب من ذهب على عادة النصارى من الأعراب، ويولّى وجهه شطر المشرق فى صلاته. وكان يتناول القربان المقدس ويقبل بخضوع ما كان يفرضه عليه كاهنه من عقوبات علنية.
ولما دعاه الخليفة إلى الإسلام رفض فى إباء (الديوان ص ١٥٤) وهجا خصومه من المسلمين بقوله: "فما الدين حاولتم ولكن دعاكم إلى الدين جوع"(الديوان، ص ٣١٥، س ١٣) ومع ذلك فلم يكن أكثر مراعاة للتعاليم النصرانية، ذلك أنه طلق امرأته ثم تزوج طالقًا وتلك سنة شائعة عند النصارى من العرب. ولنا أن نتساءل: هل عاشر الأخطل قينة حباه بها ابن زياد؟ (الديوان، ص ١٨١، س ١٣) يقول ذلك مركوليوث، ولكنه لم يقم الدليل عليه (Mohammed: Margoliouth ص ٤٠). وكان الأخطل مسرفًا فى الشراب، وهو أمر لم يتأثر فيه بالأقدمين الذين عرفهم وقلدهم، بل كان يشرب لأن النصارى رأوا فى الخمر ما يميزهم عن المسلمين. على أن الأخطل كان يرى هو وكثير من رفاقه من المسلمين (الأغانى، ج ٨، ص ١٥؛ جـ ٩، ص ٨٨، ج ١١، ص ٣٩) أن الخمر مصدر للإلهام الشعرى. فكان يختلف فى نفر من بنى هاشم وابن لعثمان (الديوان، ص ٢٧، س ٦؛ ديوانه المطبوع سنة ١٩٠٥، ص ١٧٤) إلى حوانيت الخمر. ويظهر أنه من العسير أن نغتفر له اتصاله بالقيان الفاجرات طوال حياته إن تسامحنا فغفرنا له نسيبه وهو حب عذرى لا فحش فيه أصبح من موضوعات الشعر المألوفة (مجلة المشرق ص ٤٧٩). وديوانه عفيف؛ عدا بعض أبيات واقعية إلى حد بعيد (انظر ديوانه طبعة سنة ١٩٠٥ م، ص ١٠٥، ١٠٦، ١٠٩، ١١٠، ١٦٥، س ١٥). وأى شئ هى إذا قيست بما عرف عن فحش العرب فى الهجاء؟ وحسبنا هجاء جرير