والفرزدق وحميدة الأنصارية، (الأغانى، ج ٨، ص ١٣٩ - ١٤٠). وكان الأخطل -شأن بنى تغلب- ممن أخذوا بمذهب الطبيعة الواحدة، ولم يمنعه هذا من أن يكون صديقًا لأسرة ابن سرجون الملكانية ذات النفوذ الواسع.
ولما طلب يزيد بن معاوية إلى كعب ابن جُعَيْل شاعر الأمويين أن يهجو الأنصار، أشار عليه بشاعر حدث من قبيلته هو الأخطل، فوفق الأخطل إلى هجاء مقذع (الديوان، ص ١٣٤) كاد يودى بحياته لولا تدخل يزيد. ومنذ ذلك العهد شارك الخليفة مائدته وصحبه إلى مكة، وشرع فى مدح الأمويين: يزيد وعبد الله بن معاوية (انظر شروح ديوانه، ص ١٦٧، ١٧٦، وانظر أيضًا ديوانه المطبوع عام ١٩٠٥، ص ٦٣ - ٧٢؛ ومع ذلك فقد ذكرت فيه وقعة مرج راهط التى وقعت بعد عهد يزيد) وخالد بن يزيد، وكذلك عمالهم: زياد وأبنائه والحجاج وغيرهم. ولما اتخذه عبد الملك شاعرًا للدولة الأموية (الأغانى؛ ج ١٢، ص ١٧٢، ١٧٦) أخذ يتغنى بمدح هذا الخليفة وأقربائه: عمر ابن عبد العزيز وابنيه الوليد وسليمان. نم أشاد بذكر عثصان (الديوان، ص ٣٩ س ٦؛ ١٩٢ - ١٩٤). وهجا أعداءهم من العلويين وآل الزبير والأنصار (الديوان، ص ٥٨ - ٦٤، ٧٣ - ٧٦، ٩٣ - ٩٤، ٢٦٤، ٢٧٧، ٢٧٨، ٢٨٩ وما بعدها) والقيسية، الله بن خاصموا بنى مروان منذ وقعة مرج راهط. فياله هن شاعر سياسى يقربه أصحاب السلطان ويخشاه المعارضون! ولأشعاره فى هذه الناحية قيمة تاريخية عظيمة نجد فيها آثار الجاهلية ونزعات عصره؛ كما أظهرنا بترفعه واستقلاله على تسامح الأمويين الذين كانوا عربًا قبل أن يكونوا مسلمين. (المشرق، ص ٤٧٨؛ ٤٨٢). بيان الأثر الذى تركه هذا النصرانى يمثل لنا مظهرًا من مظاهر عصر الانتقال الله الذى كانت تمر به الأمة العربية فى ذلك الوقت. وجاء فى ديوانه (طبعة سنة ١٩٠٥. ص ١٧٠ - ١٧١) أن عبد الله ابن جرير البَجَلى (وليس الجبلى كما فى هذه الطبعة) قد انضم نهائيًا إلى الأمويين. وظلت الخصومة بين الأخطل وجرير حية فى تاريخ الأدب. وكان الأول قد تفوق بصفة عامة