سبأ القديم تتضمن معلومات عن الآثار القديمة، ويتألف الثانى من أساطير أخرى أقل شأنا من هذه بكثير، وهى التى بقيت ماثلة فى الروايات بعد زوال الثقافة السبئية وتسربت إلى الإشارات شبه التاريخية الخاصة بشئون دولة حمير، وهى الدولة التى كانت أقرب إلى سبأ فى الزمن؛ والهمدانى هو مصدرنا العمدة فى مادة القسم الأول، ذلك أنه من دون المؤلفين العرب جميعًا، يسوق لنا أكثر البيانات تنوعا عن سبأ وأعظمها قيمة فى كتابه "صفة جزيرة العرب" الذى يعد أهم مصادرنا المكتوبة عن جغرافية بلاد العرب بوجه عام؛ وقد أملى عليه وفاؤه لوطنه (وهو اليمنى من أهل صنعاء) الاهتمام بالعمائر القديمة وغيرها من آثار جنوب بلاد العرب التى كانت لا تزال موجودة فى زمنه، فجمع كل ما كان له علاقة بها فى مصنفه "الإكليل" ولو أن معلوماته فى ذلك قد شابتها الأساطير؛ والإكليل تاريخ لليمن ووصف لآثاره؛ وكان مولر D.H.Muller أول من نشر ذلك الجزء من الكتاب الثامن من الإكليل الذى ما زال باقيا والذى يصف فيه الهمدانى الحصون (النص العربى وترجمته الألمانية مع مذكرات تفسيرية Die Burgen and Schlosser Sudarabiens nach dem Iklil des Hamdani S.B.AK Wien, ١٨٧٩ وجـ ٩٤، ص ٣٣٥ ما بعدها وجـ ٩٧، ١٨٨١ م، ص ٩٩٥ وما بعدها)؛ وزاد مولر عليه تعليقات إضافية استقاها من الكتاب العاشر الخاص بأنساب همدان، كما زاد عليه فقرات تفسيرية من "صفة جزيرة العرب". ويروى الجزء الأول أول ما يروى وصف الهمدانى لغُمْدان وصنعاء؛ ويستشهد الهمدانى بأشعار قيلت فى غمدان، ثم يروى قصة بناء سام لهذه القلعة، ويقص روايات جنوب بلاد العرب عن صنعاء، ثم يتابع كلامه فيذكر معلومات أخرى عن جو البلاد وحفظ الطعام فيها، وتفصيلات عن خطة صنعاء وآثار قلعة غمدان ويستشهد بأشعار قيلت فيها؛ ويتجلى فى هذه الأشعار أثر الأساطير التى ظلت عالقة بالقلعة بوصفها من عجائب العمارة، ثم يتحدث الهمدانى عن "شبام يَسخُم، والآثار القديمة، والقصور المنيفة فى شبام، ثم يتحدث عن شبام بيت أقْيان (انظر الوصف فى صفة