الملاحظات المبعثرة فى مصنفات الجغرافيين العرب المتأخرين، ذلك أنها كلها أو جلّها تشتمل على أسماء قائمة بذاتها، ومن ثم فإنه يصعب علينا أن نخرج منها بفكرة عامة؛ وقد لاقى مولر D. H. Muller عند نشره للنص (جزءان، ليدن، ١٨٨٩ - ١٩٩١) صعابًا جمَّة من جراء ذلك؛ واستطاع كليزر الذى نهج نهج سلفه شيرنكر من حيث تعويله على الهمدانى تعويلا كبيرا، أن يتحقق بعد من قراءات هذه النسخة، على الطبيعة فى المناطق التى طوف فيها معتمدا على مشاهداته هو وشهادة أهل البلاد.
أما الأصداء القليلة من تاريخ العصر السبئى التى بقيت فى روايات العرب منثورة كانت أو منظومة فتخرج عن نطاق بحثنا، ذلك أنها بدت فى صورة الأساطير وإن تفاوتت فى ذلك؛ وقد جمع كريمر (A.v.Kremer، المصدر المذكور، وانظر مصنفه Altarabische Gedichte uber die Volkssage von yemen ليبسك ١٨٦٧) المعلومات الجوهرية عن الموضوع؛ ونجد فى الروايات أيضا ما يماثل القصص اليونانية (انظر مثلا كريمر. ص ١٥٠، عن "ذى فائش") وقد نسب إلى الملكة بلقيس بناء السد فى مأرب أو على الأقل تحسينه؛ وسرت الأساطير إلى الفيضان أيضا. وتقسيم المؤرخين العرب تاريخ اليمن قبل الإسلام إلى ثلاثة عصور (يمتد الأول إلى تبع أبى كرب، والثانى إلى ذى نواس، والثالث إلى ظهور الإسلام) يمثل بعدُ التقسيم الواقعى إلى العصر السبئى، والعصر الحميرى، والعصر الحبشى الفارسى (Burgen: Muller, جـ ١، ص ٣٣٨) بل إن الأثبات الخاصة بملوك بنى حمير التى نقلها هؤلاء المؤرخون ليس لها شأن علمى، وهى على أحسن الفروض تنقل بعض الأسماء القديمة التى اصطنعها النسابة، ولكن لا يمكننا أن نصفها بالدقة من الوجهة التأريخية؛ زد على ذلك أن الأثبات الخاصة بهؤلاء الملوك إنما تشير إلى العصر المتأخر من تاريخ بنى حمير (الموضع نفسه، جـ ٢، ص ٩٨١ و ٩٩٧).
ويهمنا أكثر وأكثر ما ورد فى مصنفات المسلمين من معلومات عامة