والنبات والحيوان والإنسان، ووقعت فى بلايا هذا التركيب تارة سرورًا وسلامة وعافية؛ وتارة غمًا وبلية ومحنة، إلى أن يظهر "القائم" ويردها إلى حال الكمال. وعند ذلك تنحل التراكيب وتبطل المتضادات، ويظهر الروحانى على الجسمانى، وذلك هو القائم الذى هو أحمد الكيالى نفسه بحسب ما يزعم.
وزعم الكيالى فى تأييد حقه أن اسمه أحمد، وأن الألف من اسمه تقابل النفس العليا، والحاء تقابل النفس الناطقة، والميم تقابل النفس الحيوانية، والدال تقابل النفس الإنسانية. وهو يبين التقابل بين العوامل العلوية والعالم السفلى: فالسماء تقابل مكان الأماكن، ودونها النار، ثم الهواء، ثم الأرض، ثم الماء، وهى أربعة تقابل العوالم الأربعة. والإنسان عنده فى مقابلة النار، والطائر فى مقابلة الهواء والحيوان فى مقابلة الأرض والحوت فى مقابلة الماء. ثم يبين التقابل بين عالم الإنسان وبين آفاق العالمين الأولين: الروحانى والجسمانى، ويمضى فى هذا الخلط، وينتهى بأن يزعم أن الأنبياء هم قادة أهل التقليد، وهم عميان؛ أما "القائم" فهو قائد أهل البصيرة أولى الألباب، وهؤلاء يحصلون على البصيرة بمعرفة التقابل بين العوالم. ثم يؤوّل الشريعة فيعتبر أن الميزان يدل على العالمين، وأن الصراط يدل عليه هو نفسه، والجنة على الوصول إلى علمه والنار على الوصول إلى ما يضادّ ذلك (١).
بعد هذا نجد الصورة الثانية للكون عند الباطنية؛ وهؤلاء، منذ وقت مبكر، قد خلطوا كلامهم ببعض كلام الفلاسفة وألفوا فى ذلك كتبًا. ولنصرف النظر عن أنهم، كما يحكى الشهرستانى، يمتنعون عن إطلاق الصفات على اللَّه نفيًا وإثباتا، زعمًا منهم أن ذلك يقتضى التشبيه والمشاركة بين اللَّه وبين سائر الموجودات -وهم ينسبون إلى محمد ابن على الباقر أنه كان يقول: إن اللَّه إنما سمى عالمًا وقادرًا بعد أن وهب العلم والقدرة، وبمعنى أنه فعل ذلك لا بمعنى