للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم أرسل اللَّه محمدًا عليه الصلاة والسلام إلى الناس كافة، وعرض على السموات والأرض والجبال أن يمنعن على بن أبى طالب، فأبين، ثم على الناس كلهم، فقام عمر بن الخطاب إلى أبى بكر فأمره أن يتحمل ذلك وأن يغدر بعلىّ، ففعل، وهذا هو عند المغيرة معنى آية (*): {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}. وزعم المغيرة أن عمر قال لأبى بكر أنا أعينك على علىّ لتجعل لى الخلافة بعدك. وهذا عند المغيرة هو معنى آية (* *): {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ. . .}.

بعد ذلك نجد صورة ثانية عند زعيم شيعى مثل أحمد الكيالى الذى كان يدعو لواحد من أهل البيت بعد جعفر الصادق. وكان هذا الزعيم قد قبس شيئا من المعرفة خلطه بنزعته الشيعية، وادعى أن كل من قدر الآفاق على الأنفس وأمكنه أن يبين مناهج العالمين: أعنى عالم الآفاق، وهو العالم العلوى، وعالم الأنفس، وهو العالم السفلى، كان هو الإمام؛ وأن من قرر الكل فى ذاته وأمكنه أن يبين كلّ كلّى فى شخصه المعين الجزئى كان هو القائم. وقد ألف كتبًا بالعربية والفارسية، والعوالم عنده ثلاثة: العالم الأعلى، وفيه خمسة أماكن؟ أولها خال لا يسكنه موجود ولا يدبره روحانى، وهو مكان الأماكن المحيط بالعالم، وهو فى رأيه العرش الوارد فى الشرع. ودون ذلك مكان النفس العليا، ثم مكان النفس الناطقة، ثم مكان النفس الحيوانية، ثم مكان النفس الإنسانية. أما كيف حدث هذا العالم فإن الكيالى يزعم أن النفس الإنسانية أرادت الصعود إلى عالم النفس العليا؛ فبعد أن اخترقت مكان النفس الحيوانية والناطقة كلّت وانحسرت وتحيرت وتعفنت واستحالت أجزاؤها، فهبطت إلى العالم السفلى، ومضت عليها أكوار وأدوار، إلى أن ساحت عليها النفس العليا وأفاضت عليها من أنوارها جزءًا، فحدثت التراكيب فى هذا العالم، وحدثت السموات والأرض والمركبات من المعادن


(*) الآية ٧٢ سورة الأحزاب.
(* *) من الآية ١٦ سورة الحشر. المحرر