اجتذاب الناس، ولذلك نجد أن أصحاب الدعوة الباطنية الجديدة، منذ ظهور الحسن الصباح فى النصف الثانى من القرن الخامس الهجرى. يمنعون الناس من الخوض فى العلوم ومن قراءة الكتب القديمة. وأراد الحسن الصباح أن يقيم دعوته على أساس نكت كلها اعتراضات على المخالفين؛ وكل همه إثبات أن النظر العقلى لا يؤدى إلى العلم اليقين بدليل الخلاف الموجود بين أهل الرأى والنظر، وأنه لابد من معلم معصوم، نظرا لكثرة المعلمين واختلافهم (١).
ولو نظرنا فى هذه الآراء التى تقدم ذكرها، وكان المقصود منها أن تكون وجهة نظر فى الكون، للاحظنا تطورًا من التطور الأسطورى إلى تصور مختلط بالمعرفة الفلسفية، وكلها تنتهى بالغرض الحقيقى المقصود منها، وهو تأكيد حق علىّ رضى اللَّه عنه فى الخلافة (وهذا عند المغيرة بن سعيد) أو تأكيد إمامة رئيس الفرقة (وهذا عند أحمد الكيالى) أو بيان شأن النبى [صلى اللَّه عليه وسلم] ووصية فى هذا العالم (وهذا هو مذهب الباطنية). فليس هناك غموض فى أمر الشيعة فى الحقيقة، وإنما جاء الغموض من أن الدعوة كانت فى الغالب سرية. ولما كان اجتذاب الأنصار والأتباع المثقفين غير متيسر بوجهة نظر كالتى تقدم ذكرها -لأنها أولا ليست أصيلة وإنما هى خلط زائف من آراء لقوم سابقين، ولأنها ثانيًا لا تكفى لمقاومة الفكرة الإسلامية عن الكون والحياة- فقد كان لابد للدعاة الفاسدين من أن يعمدوا إلى أساليب تناسب الطبائع المنحطة، ومن هنا دخلت الآراء والأساليب الإباحية فى دعوة الشيعة، فوصمتها وصمة شائنة استمرت مع التاريخ، ولاشك فى أن الإباحة ليست عربية، ولا هى شيعية إذا فهمنا من كلمة "الشيعة" مجرد مشايعة آل البيت، بل هى ترجع إلى مذاهب قديمة فارسية قضى عليها ملوك الفرس قبل الإسلام ثم ظهرت بعده لأغراض سياسية تؤيدها القوة الحربية. فلما فشلت الحركات السياسية اندس الإباحية بين