الشيعة تارة وبين الصوفية تارة أخرى. والمذاهب تأبى أن تموت، فتتشكل مع الزمان وتغير الظروف بأشكال جديدة. وكما حدث أن أصحاب المذاهب الدينية القديمة دخلوا فى النصرانية وأرادوا إفسادها من الداخل، فإنهم أيضًا دخلوا فى الإسلام للغاية نفسها، وإلا فما شأن آل البيت بتأليه الأئمة وبالقول بالحلول ونحو ذلك؛ وما شأن الصوفية، وهم أهل زهد وعلم، بتلك الإباحة التى توجد عند الأدعياء الذين اندسوا بينهم!
وإذا كان الأستاذ كاتب المقال يبدى شيئا من العطف على الشيعة السبعية ويحاول أن يفهم وجهة نظرهم، ويشير إلى أن المزيد من البحث النزيه كفيل بأن يؤدى إلى إدراك حقيقة أمرهم، فإن حقيقة أمرهم لا يمكن أن تنجلى عن أكثر مما تقدم. أما ما يقوله من أن الإباحية ربما كانت محاولة لمواجهة جملة أحكام الشريعة بمذهب فى الأخلاق كالذى يوجد فى أبيات من ديوان ناصر خسرو الشاعر، فكيف يمكن أن يعقل إنسان أن تكون الإباحية مذهبًا خلقيًا، وهى مضادّة للطبيعة البشرية ولكل شئ كريم ونبيل فى الروح الإنسانية؟ وإذا كان كاتب المقال يعتبر أن ذكر ناصر خسرو لسبعة فضائل -منها التواضع والكرم والحلم والقناعة والحكمة؛ وسبع رذائل- منها البخل والغضب والشهوة والكبر والحسد- فأين هذه الفضائل التى لا تحصى والتى نجدها فى القرآن والحديث، ونجد تفصيلها وتحليلها عند كبار علماء الإسلام من الصوفية وغيرهم من الأخلاقيين؟ وأين هذه الرذائل من تحليل علماء الإسلام للأخلاق الذميمة وبيانهم لعلاجها على أساس علمى نفسى منقطع النظير؟ .
الحق أن آراء غلاة الشيعة ومذاهبهم من أول الأمر إلى آخره لها روح وغاية واحدة، وهى غير إسلامية، ولا يقصد منها نصرة آل البيت بل خدمة أغراض خاصة من طريقها، ولذلك اندثرت هذه الآراء مع الزمان، كما اندثرت فرق الغلاة أيضًا، ولم يبق منها إلا وصمة