طبعت هذه الوقفية بالقاهرة عام ١٣٤٤ هـ) أضحى الآن مركز السبكية؛ وفى المنزل مسجد وغرف لجلوس أقارب الشيخ وأتباعه ثم حانوت لبيع الأقمشة ومكتبة ومكتب، وحانوت حلاق وغير ذلك؛ وتوفى الشيخ فخلفه ابنه أمين فى رئاسة الجمعية وإدارة هذا الوقف.
وكان الشيخ محمود مالكى المذهب (ولكنه لم يكن فى الجوهر يؤثر هذا المذهب على غيره، وشاهد ذلك أن ابنه أمين كان شافعيا) تأثر بكتاب المدخل لابن الحاج المتوفى سنة ٧٣٧ هـ (١٣٣٦ - ١٣٣٧ م)؛ وقد حارب الشيخ البدع فى كل ناحية من نواحى الحياة وخاصة فى العبادة؛ ومن ثم دعا الناس إلى التمهل فى الصلاة، ولم يكن له محراب، واكتفى من المنبر بمقعد بسيط له درجتان؛ واعتبر تجويد الأذان وتلاوة سورة الكهف دون غيرها وطائفة كثيرة من شعائر الدراويش مخالفة للسنة وقد حرّم التدخين وحف اللحى وارتداء الطربوش وحده؛ ومن هنا انصاع أتباعه لأوامره فأحبوا ارتداء كل ما هو أبيض، وهم يعتّمون فوق القلنسون البيضاء (أو الطربوش الأحمر) بعمامة منها عذبات ويمدون يدهم عند اللقاء لا عند الافتراق، وقد جرى الشيخ على أن يجلس على أدم بعد صلاة العصر فى بهو من أبهاء المسجد ويجيب على أسئلة أتباعه، ولا يزال خليفته يتبع هذه السنة إلى اليوم.
وعقيدته كما وردت فى سيرته تطابق السنة تمام المطابقة، فهو يؤمن فى الفروع بالقرآن الكريم وسنَّة الرسول [-صلى اللَّه عليه وسلم-] وإجماع الأئمة أهل الاجتهاد، وكل ما خالف ذلك لا يلتفت إليه؛ وكثيرًا ما اختلف الشيخ مع جمهرة المتكلمين ومصادرهم المعترف بها. ولم يكن خلافه معهم يدور حول المبدأ بقدر ما كان يدور حول التطبيق الذى يراه هو، وقيل أنه وهّابى، وهاجم بشدة كل من خالفه فى الرأى، وزعم لنفسه حق الاجتهاد؛ ثم غلب آخر الأمر الرأى القائل بأنه مسلم غيور لا يسع المرء إلا أن يتركه يسير على سننه، ولو أنه كان يشتط فى كثير من الأمور. ويقدر عدد أتباعه -وله عليهم سلطان