ولا يمكن أن يتغير. فيمكن إذًا أن يوجد علم يصف هذه الأخلاق، ولكن لا يمكن أن توجد صناعة تغيرها.
ينسب حاجى خليفة هذا الاعتراض إلى ابن صدر الدين، ونجده عند كثير من علماء الأخلاق: عند يحيى بن عدى والغزالى ونصير الدين الطوسى مثلاً.
وقد دعم ابن صدر الدين هذا الاعتراض بقوله المحكم:"السيرة تقابل الصورة وهى لا تتغير". وقد أجاب عن هذا الاعتراض بأن الأخلاق بعضها طبيعى والبعض الآخر مكتسب بالعادة فأما الطبيعى فهو ثابت، وأما المكتسب بالعادة فيمكن تغييره. وهذا القول الذى يتقق مع المتوارث من الفلسفة الإغريقية يؤيده الحديث الشريف:"بعثت لأتمم مكارم الأخلاق، . وهذه الشبهة والرد عليها نجدهما بالتقريب عند الغزالى ولكن فى صورة أكثر قوة وتفصيلاً.
ويجب أن لا نخلط علم الأخلاق -كما سبق تعريفه- بما سماه العرب "الأدب". فالأدب أقل عمقًا من علم الأخلاق وأكثر شمولًا منه؛ لأن معنى هذا اللفظ يتضمن ثقافة أدبية حسنة لا سبيل إلى عدها بين الفضائل أو على الأقل بين أمهات تلك الفضائل. ويتصل بعلم الأخلاق "النصائح" و"الوصايا" ويندرج تحت هذين الموضوعين كثير من الأقوال التى تضيفها المؤلفات العربية إلى شخصيات هامة والتى تتضمن مبادئ خلقية، ولكنها ليست عرضا لعلم الأخلاق على أسلوب منهجى، وعلى هذا فإن هذه الأقوال يجب أن توضع إلى جانب الأمثال والحكم. ولنشر هنا على سبيل المثال إلى وصايا نزار المتوفى عن أربعة أولاد، وقد ذكرها الأصمعى (مجانى الأدب، بيروت، سنة ١٨٩٦ م، جـ ١، ص ٥٣).
ويعنى علم الأخلاق فى جوهره بالإنسان على وجه العموم، ولكنه مع ذلك توجد رسائل فى الأخلاق تتصل بصنف خاص من الناس، أهمها ما يتصل بأخلاق ذوى السلطان، وهذه تدخل فى باب السياسة التى اعتبرها العرب كما اعتبرها قدماء الفلاسفة فرعًا من الأخلاق، ولكنه فرع هام جدير بأن يفرد له بحث خاص. وتوجد كذلك