للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

١٣١٤ هـ) وأورد الرازى المتوفى سنة ٦٠٦ هـ الموافقة ١٢٠٩ فى كتابه مفاتيح الغيب (جـ ١، ص ٤٣٤، س ١٩ - ٢٨) رواية لهذه القصة ثم إن جميع روايات القصة تختلف فيما بينها اختلافا شديدًا من نواح أخرى. ومن الواضح أن هذه الروايات كانت تتكيف بحسب ما يعرفه كل كاتب عن السحر وبحسب المفهوم الشائع للسحر فى عصره. على أن القصة التى نحن بصددها لم يقبل المحدثون فيما يظهر إدخالها فى الحديث. ذلك أن مسند ابن حنبل المتوفى سنة ٢٤١ هـ (جـ ٢، ص ١٣٤) هو من دون أصحاب مجموعات الحديث الكبرى القديمة الذى ذكر شيئا عن هاروت وماروت، ولم يشر إلى هذه القصة (رسالة بعث بها إلى الأستاذ فلنسنك).

ونجد فى كتاب الفهرست (كتب بين عامي ٣٧٧ و ٤٠٠ هـ - ٩٨٧ - ١٠١٠ م) طريقة السحر مبسوطة بسطًا مسهبا مؤيدة بتواليف كثيرة فى الموضوع. وأهم فقرة فى هذا الشأن هى التى وردت فى الفن الثانى من المقالة الثامنة (الفهرست، طبعة فلوكل، ص ٣٠٨ وما بعدها). ويتجلى موقف المؤلف محمد بن إسحق من أقواله، ومن البين أنه كان من الشيعة، ومن ثم نلمح فيه على الأقل طابع المعتزلة يقول ابن إسحق: "زعم المعزمون والسحرة جميعا أن الشياطين والجن والأرواح تطيعهم".

فأما المعزمون (ونعنى بهم أصحاب الطريقة المحمودة فى السحر، من كلمة عزيمة أى الرقية؛ وهذه الكلمة لم ترد فى القرآن الكريم ولا الأصل الذى اشتقت منه) ممن ينتحل الشرائع يرون أن ذلك يكون بطاعة اللَّه جل اسمه، والابتهال إليه، والأقسام على الأرواح والشياطين به وترك الشهوات ولزوم العبادات، وأن الجن والشياطين يطيعون إما طاعة للَّه جل اسمه لأجل الأقسام به، وإما مخافة منه تبارك وتعالى، ولأن فى خاصية أسمائه، تقدست وذكره علا وجل، قمعهم وإذلالهم. فأما السحرة (ويعنى بهم